الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3975 3976 ص: فكان من الحجة للذين ذهبوا إلى أن وقت رميهم بعد طلوع الشمس ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا فضيل بن سليمان ، قال: ثنا موسى بن عقبة، قال: ثنا كريب ، عن ابن عباس: " أن النبي -عليه السلام- يأمر نساءه وثقله صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد، ولا يرموا الجمرة إلا مصبحين". .

                                                ففي هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام- أمرهم بالإفاضة مع أول الفجر بسواد، ولا يرموا حتى يصبحوا، فدل ذلك على أن الوقت الذي أمرهم بالرمي فيه ليس أول طلوع الفجر، ولكن أوله الإصباح الذي بعد ذلك.

                                                [ ص: 35 ] حدثنا محمد بن خزيمة ، ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: ثنا الحجاج ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: " أن رسول الله -عليه السلام- بعثه في الثقل، وقال: لا ترموا الجمار حتى تصبحوا". .

                                                التالي السابق


                                                ش: من جملة ما احتجت به أهل المقالة الثانية حديث ابن عباس هذا.

                                                وأخرجه من طريقين:

                                                الأول: إسناده صحيح، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي -بفتح الدال- البصري شيخ البخاري ومسلم. والكل رجال الصحيح ما خلا شيخ الطحاوي .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث فضيل بن سليمان ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ... إلى آخره نحوه.

                                                الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن حجاج بن منهال الأنماطي شيخ البخاري ، عن حماد بن سلمة ، عن حجاج بن أرطأة النخعي متكلم فيه، ولكن احتجت به الأربعة، عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم بن بجرة -بالباء والجيم والراء المفتوحات- مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى عبد الله بن عباس؛ للزومه له، روى له الجماعة سوى مسلم .

                                                وأخرجه الطبراني: من حديث الحجاج بن أرطأة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ولفظه: "لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس".

                                                قوله: "وثقله" بفتح الثاء المثلثة والقاف، وهو متاع المسافر.

                                                قوله: "أن يفيضوا" أي بأن يفيضوا، أي بالإفاضة؛ لأن "أن" مصدرية.

                                                قوله: "مصبحين" حال من الضمير الذي في: "ولا ترموا".

                                                [ ص: 36 ] قوله: "فدل ذلك" أي أمر النبي -عليه السلام- إياهم بأن لا يرموا إلا مصبحين على أن الوقت الذي أمرهم برمي الجمرة فيه ليس أول طلوع الفجر، ولكن أوله الإصباح الذي يكون بعد ذلك.




                                                الخدمات العلمية