الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4089 4090 ص: وقد احتج قوم في تجويز نحر الهدي في غير الحرم بما حدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا أبو نعيم ، قال: ثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن يعقوب بن خالد ، عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال: "خرجت مع عثمان وعلي -رضي الله عنهما- فاشتكى

                                                [ ص: 169 ] الحسين -رضي الله عنه- بالسقيا وهو محرم، فأصابه برسام فأومأ إلى رأسه، فحلق علي -رضي الله عنه- رأسه، ونحر عنه جزورا فأطعم أهل الماء".

                                                حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن يحيى ... ، فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر عثمان، ولا أن الحسين كان محرما.

                                                فاحتجوا بهذا الحديث لأن فيه أن عليا -رضي الله عنه- نحر الجزور دون الحرم. ،

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم طائفة من أهل المقالة الأولى، فإنهم احتجوا في جواز نحر الهدي في غير الحرم بحديث أبي أسماء؛ لأنه يخبر أن عليا -رضي الله عنه- نحر الجزور في دون الحرم، وأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن علي بن شيبة ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن سفيان الثوري ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن يعقوب بن خالد بن المسيب وثقه ابن حبان ، عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين.

                                                الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ... إلى آخره.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن يعقوب بن خالد المخزومي ، عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر: "أنه أخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة فمروا على حسين بن علي -رضي الله عنهما- وهو مريض بالسقيا، فأقام عليه عبد الله حتى إذا خاف الفوات خرج، وبعث إلى علي وأسماء بنت عميس وهما بالمدينة، فقدما عليه، ثم إن حسينا أشار إلى رأسه، فأمر علي برأسه فحلق، ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا، قال يحيى: وكان حسين خرج مع عثمان -رضي الله عنهما- في سفره ذاك إلى مكة".

                                                [ ص: 170 ] قوله: "بالسقيا" بضم السين المهملة وسكون القاف وبالياء، آخر الحرف مقصور، وهي قرية جامعة بين مكة والمدينة من عمل الفرع، قال أبو عبيد: إنما سميت بذلك لما سقيت من الماء العذب، وهي كثيرة الآبار والعيون والبرك، وكثير منها صدقات للحسين بن زيد .

                                                وقال ياقوت في "المشترك": هي من النحر على سبعة فراسخ.

                                                وقال الزمخشري في كتاب "أسماء البلاد": السقيا: المسيل الذي يفرغ في عرفة، بها مسجد إبراهيم -عليه السلام-.

                                                وفي "المطالع" السقيا: قرية جامعة من عمل الفرع بينهما مما يلي الجحفة سبعة عشر ميلا.

                                                قوله: "برسام" بكسر الباء علة معروفة، وهي تحدث عن سوء مزاج حار في الدماغ، أو ورم صار في أغشية الدماغ، فالذي يكون عن ورم يكون أشد خطرا، ويعرض لصاحب البرسام أن يتنبه من نومه بصياح ووثوب ويخشن لسانه ويسود ومع هذا يكون سيئ الخلق غضوبا لجوجا إن كان الورم صفراويا، وإن كان دمويا يكون عنده ضحك ونوم وحمرة في العين، وإن كان سوداويا يكون كثير الهذيان والفزع والخوف والبكاء.




                                                الخدمات العلمية