الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                220 [ ص: 367 ] ص: وقد زعم زاعم أن النظر يوجب مسح القدمين في وضوء الصلاة لا غسلهما ، فقال: لأني رأيت حكمهما بحكم الرأس أشبه; لأني رأيت الرجل إذا عدم الماء فصار فرضه التيمم، يمم وجهه ويديه ولا ييمم رأسه ولا رجليه، فلما كان عدم الماء يسقط فرض غسل الوجه واليدين إلى فرض آخر -وهو التيمم- ويسقط فرض الرأس والرجلين لا إلى فرض; ثبت بذلك أن حكم الرجلين في حال وجود الماء كحكم الرأس، لا كحكم الوجه واليدين.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا سؤال من جهة من يذهب إلى مسح الرجلين، أوردوه من جهة القياس، وهو ظاهر، ومن ذلك قال ابن حزم في "المحلى": إنا وجدنا الرجلين يسقط حكمهما في التيمم كما تسقط الرأس فكان حملهما على ما يسقطان بسقوطه ويثبتان بثبوته أولى من حملهما على ما لا يثبتان بثبوته.

                                                وأيضا فالرجلان مذكوران مع الرأس; فكان حملهما على ما ذكرا معه أولى من حملهما على ما لم يذكرا معه.

                                                وأيضا فالرأس طرف، والرجلان طرف; فكان قياس الطرف على الطرف أولى من قياس الطرف على الوسط.

                                                وأيضا فإنهم يقولون بالمسح على الخفين; فكان تعويض المسح من المسح أولى من تعويض المسح من الغسل.

                                                وأيضا فإنه لما جاز المسح على ساتر الرجلين، ولم يجز على ساتر دون الوجه والذراعين; دل -على أصول أصحاب القياس- أن أمر الرجلين أخف (وأيسر) من أمر الوجه والذراعين، فإذا كان كذلك فليس إلا المسح.

                                                فهذا أصح قياس في الأرض لو كان القياس حقا. انتهى.

                                                [ ص: 368 ] قلنا: هذا كله قياس، ونحن ما أثبتنا فرضية غسل الرجلين بالقياس حتى يلزمنا ما ذكرتم، وإنما ثبتت فرضية ذلك بالنص والأحاديث الدالة على ذلك، وليس للقياس فيه مجال، نعم هذا إنما يرد علينا لو أنا أثبتنا الحكم بالقياس ابتداء، وليس كذلك، فافهم.




                                                الخدمات العلمية