الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4131 ص: وليس فيما رويناه أولا خلاف لهذا عندنا؛ لأن قول رسول الله -عليه السلام-: "من كسر أو عرج فقد حل". " قد يحتمل أن يكون: فقد حل له أن يحل لا على أنه قد حل بذلك من إحرامه، ويكون هذا كما يقال: قد حلت فلانة للرجال إذا خرجت من عدة عليها من زوج قد كان لها، ليس على معنى أنها قد حلت لهم فيكون لهم وطؤها، ولكن على معنى أنه قد حل لهم أن يتزوجوها تزويجا يحل لهم وطؤها، هذا كلام جائز مستساغ.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، تقديره أن يقال: كيف تقولون: إن المحصر لا يحل بنفس الإحصار وإنه لا يحل حتى ينحر الهدي وتحتجون بحديث المسور وابن عمر، والحال أن حديث الحجاج بن عمرو يعارض هذا ويخالفه ورد ما ذهبتم إليه؟

                                                وتقرير الجواب: أن معنى هذا الحديث لا يخالف ما روى المسور وابن عمر، وأن معنى قوله: "من كسر أو عرج فقد حل" أي فقد حل له أن يحل، أي الإحلال صار له حلالا، وليس المعنى أنه قد حل بذلك من إحرامه حينئذ، ولهذا الكلام نظائر منها: ما ذكره من قوله: "ويكون هذا كما يقال: قد حلت فلانة ... إلى آخره" وهو ظاهر لا يدفع.

                                                [ ص: 212 ] ومنها: قوله -عليه السلام-: "إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا فقد أفطر الصائم". ومعناه حل له الإفطار، وليس معناه صار مفطرا في ذلك الوقت.

                                                ومنها: قولهم: من زار فلانا فقد أكرم، يعني يستحق الإكرام في المستقبل، وليس معناه أنه صار مكرما في ساعة الزيارة، وأمثال هذا كثيرة لا تدفع، أشار إليه بقوله: "هذا كلام جائز مستساغ".




                                                الخدمات العلمية