الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4140 ص: ثم تكلم الناس بعد هذا في المحصر إذا نحر هديه، هل يحلق رأسه أم لا؟

                                                فقال قوم: ليس عليه أن يحلق؛ لأنه قد ذهب عنه النسك كله، وممن قال ذلك: أبو حنيفة ، ومحمد -رحمهم الله-.

                                                وقال آخرون: بل يحلق، فإن لم يحلق حل ولا شيء عليه، وممن قال ذلك: أبو يوسف.

                                                وقال آخرون: يحلق ويجب ذلك عليه كما يجب على الحاج والمعتمر.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ثم تكلم الناس بعد اختلافهم في المحرم بعمرة إذا أحصر مطلقا هل يحل بنحر الهدي أم يقيم على إحرامه أبدا كما مر؟ وهل يحلق رأسه أم لا بعد نحر هديه؟

                                                فقال قوم وهم سفيان الثوري والنخعي والشافعي: ليس عليه أن يحلق؛ لأنه قد ذهب عنه النسك كله، وممن قال بذلك: أبو حنيفة ومحمد .

                                                وقال آخرون أي قوم آخرون وهم: عطاء بن أبي رباح وأبو ثور والشافعي -في قول-: بل يحلق؛ لأنه -عليه السلام- حلق، فإن لم يحلق حل ولا شيء عليه؛ لأنه قد كان حل بنحر الهدي، فإذا حلق بعده صار حلقه وهو حلال فلا شيء عليه، وممن قال بذلك: أبو يوسف .

                                                وقال آخرون أي قوم آخرون، وهم: مالك وأحمد وإسحاق والشافعي -في قول-: يحلق، ويجب عليه الحلق كما يجب على الحاج والمعتمر.

                                                [ ص: 231 ] وقال أبو عمر: إنما منع المحصر من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار، فسقط عنه ما قد حيل بينه وبينه، وأما الحلاق فلم يحل بينه وبينه وهو قادر على أن يفعله، وما كان قادرا على أن يفعله فهو غير ساقط عنه، وإنما يسقط عنه ما قد حيل بينه وبين عمله، وقد روي عن النبي -عليه السلام- ما يدل على أن الحلق باق على المحصر كما هو على من وصل إلى البيت وهو الدعاء للمحلقين ثلاثا وللمقصرين واحدة، وهو الحجة القاطعة والنظر الصحيح في هذه المسألة، وإلى هذا ذهب مالك وأصحابه، الحلاق عندهم نسك يجب على الحاج الذي قد أتم حجه، وعلى من فاته الحج، والمحصر بعدو والمحصر بمرض، وقد حكى ابن أبي عمران ، عن ابن سماعة ، عن أبي يوسف في "نوادره": أن عليه الحلاق أو التقصير، لا بد له منه، واختلف قول الشافعي في هذه المسألة على قولين:

                                                أحدهما: أن الحلاق للمحصر من النسك، وهو قول مالك .

                                                والآخر: ليس من النسك.




                                                الخدمات العلمية