الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4386 ص: حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا يعقوب بن حميد ، قال: ثنا عبد الله بن نافع ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، -رضي الله عنه-: " أن رجلا أصاب امرأة في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه وقالوا: أثغرها، فأنزل الله -عز وجل-: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ".

                                                التالي السابق


                                                ش: يعقوب بن حميد بن كاسب الذي قد قلنا غير مرة: إنه ضعفه بعضهم، ووثقه آخرون.

                                                وعبد الله بن نافع الصائغ المقرئ، روى له الجماعة؛ البخاري في غير الصحيح، والباقي من رجال الجماعة.

                                                قوله: "أثغرها". من أثغرت الدابة إذا شددت عليها الثغر، وإثغار المرأة كناية عن الوطء في دبرها.

                                                قوله: حرث لكم الحرث: المزدرع، وجعل في هذا الموضع كناية عن الجماع؛ وسمى النساء حرثا لأنهن مزدرع الأولاد، وقال الزمخشري: نساؤكم حرث لكم مواضع حرث لكم، وهذا مجاز، شبههن بالمحارث تشبيها لما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل بالبذور.

                                                قوله: فأتوا حرثكم أنى شئتم تمثيل أي: فائتوهن كما تأتون أراضيكم التي تريدون أن تحرثوها من أي جهة شئتم لا يحظر عليكم جهة دون جهة، والمعنى: جامعوهن من أي شق أردتم بعد أن يكون المأتى واحدا وهو موضع الحرث، ولكن طائفة استدلوا على إباحة إتيان النساء في أدبارهن، وتأولوا هذه الآية على وفق ما

                                                [ ص: 433 ] ذهبوا إليه، وقالوا: معناه حيث شئتم من القبل والدبر، وهذا تأويل فاسد على ما نذكره إن شاء الله تعالى".

                                                واعلم أن "أنى" يستفهم بها عن الحال نحو: أنى لقيت زيدا أو مكافحا؟ وقد يستفهم بها عن المكان فيقال: أنى كنت؟ أي: أين كنت؟ وعن الزمان كقولك: أنى سرت؟ أي: متى سرت، ويجزم بهما الشرط والجزاء نحو: أنى تذهب أذهب، وأصل وضعها للاستفهام ككيف، والمعنى في الآية: فائتوا حرثكم كيف شئتم مستقبلين أو مستدبرين غير أن يكون المأتى واحدا وهو موضع الحرث.




                                                الخدمات العلمية