الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5114 ص: حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو داود الطيالسي ، قال: ثنا سليمان بن معاذ الضبي ، عن عمار بن أبي معاوية الدهني ، عن أبي الطفيل: " أن قوما ارتدوا وكانوا نصارى، فبعث إليهم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- معقل بن قيس التميمي فقال لهم: إذا حككت رأسي فاقتلوا المقاتلة واسبوا الذرية، فأتي علي بطائفة منهم فقال: من أنتم؟ فقالوا: كنا قوما نصارى فخيرنا بين الإسلام وبين ديننا فاخترنا الإسلام، ثم رأينا أن لا دين أفضل من ديننا الذي كنا عليه فنحن نصارى، فحك رأسه فقتلت المقاتلة وسبيت الذرية، قال عمار: : فأخبرني أبو شيبة أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أتي بذراريهم، فقال: من يشتريهم مني؟ فقام مسقلة بن هبيرة الشيباني فاشتراهم من علي -رضي الله عنه- بمائة ألف، فأتاه بخمسين ألفا فقال علي : ( -رضي الله عنه-: إني لا أقبل المال إلا كملا، فدفن المال في داره وأعتقهم ولحق معاوية، فنفذ علي -رضي الله عنه- عتقه".

                                                التالي السابق


                                                ش: رجاله ثقات.

                                                وأبو داود الطيالسي سليمان بن داود صاحب "المسند".

                                                وأبو الطفيل عامر بن واثلة الصحابي -رضي الله عنه-.

                                                [ ص: 173 ] وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن عبد الملك بن سعيد بن حيان ، عن عمار الدهني، قال: حدثني أبو الطفيل قال: "كنت في الجيش الذين بعثهم علي بن أبي طالب إلى بني ناجية، فانتهينا إليهم فوجدناهم على ثلاث فرق، قال: فقال أميرنا لفرقة منهم: ما أنتم؟ قالوا: نحن قوم كنا نصارى وأسلمنا فثبتنا على إسلامنا، قال: اعتزلوا، ثم قال للثانية: ما أنتم؟ قالوا: نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا، فرجعنا فلم نر دينا أفضل من ديننا فتنصرنا، قال لهم: أسلموا، فأبوا، فقال لأصحابه: إذا مسحت رأسي ثلاث مرات فشدوا عليهم، ففعلوا، فقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية، فجئت بالذراري إلى علي -رضي الله عنه- وجاء مسقلة بن هبيرة فاشتراهم بمائتي ألف، فجاء بمائة ألف إلى علي -رضي الله عنه- فأبى أن يقبل، فانطلق مسقلة بن هبيرة بدراهمه وعمد إليهم مسقلة فأعتقهم ولحق بمعاوية، فقيل لعلي -رضي الله عنه-: ألا تأخذ الذرية، قال: لا، فلم يتعرض لهم".

                                                قوله: "معقل بن قيس" بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف، وكان من أمراء علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.

                                                و: "مسقلة" - بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح القاف - بن هبيرة - بضم الهاء وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الراء.

                                                ويستفاد منه: أن أهل ناحية إذا ارتدوا والعياذ بالله فللإمام أن يقتل رجالهم ويسبي نساءهم وذراريهم كما فعل أبو بكر -رضي الله عنه- ببني حنيفة حين ارتدوا عن الإسلام، استرق نساءهم وأصاب علي -رضي الله عنه- من ذلك السبي جارية فولدت له محمد بن الحنفية -رضي الله عنه-.

                                                ...




                                                الخدمات العلمية