الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                257 258 259 ص: وقد روي عن جماعة ممن بعده ما يوافق ذلك:

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان الثوري (ح).

                                                وحدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا هلال بن يحيى بن مسلم ، قال: ثنا أبو عوانة ، كلاهما عن منصور ، عن مجاهد ، عن مورق ، عن ابن عباس قال: "هو المني والمذي والودي; فأما المذي والودي فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، وأما المني ففيه الغسل" .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن جماعة ممن بعد النبي - عليه السلام - من الصحابة والتابعين ما يوافق ذلك، أي ما صرفنا إليه معنى حديث رافع بن خديج .

                                                وأثر ابن عباس أخرجه من طريقين جيدين حسنين:

                                                [ ص: 431 ] أحدهما: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن مؤمل بن إسماعيل القرشي -وثقه ابن حبان - عن الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن مجاهد بن جبر المكي ، عن مورق العجلي -بضم الميم وتشديد الراء المكسورة-.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ... إلى آخره نحوه.

                                                الثاني: عن أبي بكرة ، عن هلال بن يحيى بن مسلم الرأي البصري - أحد الأئمة الحنفية الكبار، قال ابن الجوزي : كان فقيها كبيرا، وضعفه بعضهم، وكان أجل من ذلك، عن أبي عوانة ، عن منصور ... إلى آخره.

                                                وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه: عن الثوري ، عن منصور (إلى) مجاهد عن ابن عباس قال في المذي والودي والمني: "في المني الغسل، وفي المذي والودي الوضوء، يغسل حشفته ويتوضأ" .

                                                قوله: "كلاهما" أي سفيان وأبو عوانة .

                                                قوله: "هو المني ... " إلى آخره، أي: الذي يخرج من الذكر غير البول ثلاثة أشياء: المني، والمذي، والودي، وقد مر تفسير المذي.

                                                وأما "الودي": فهو بفتح الواو وسكون الدال المهملة، وهو الذي يكون مع البول وبعده، وفي "البدائع": الودي ماء غليظ يخرج بعد البول، وكذا روي عن عائشة - رضي الله عنها - ويقال: الودي في نفس الأمر: بقية البول، ولكنه غليظ أغلظ [ ص: 432 ] من البول، وقال الجوهري الودي بالتسكين ما يخرج بعد البول، وكذا الودي بالتشديد، وفي "المطالع": ويقال فيه بذال معجمة أيضا، ويقال: الودي أيضا، يقال فيه: ودى، وأودى، وودى، وهو من السيلان، وودى: سال، ومنه الوادي.

                                                وأما المني: فهو الماء الدافق بشهوة، وفي "البدائع": المني: حاثر أبيض ينكسر منه الذكر، وقال الشافعي : إن له رائحة الطلع.

                                                وفي "المطالع": المني والمني والمني -على مثال المري- لغات كلها، وقال الأزهري : سمي منيا لأنه يمنى، أي: يراق ويدفق، ومنه سميت منى؛ لما يمنى بها من الدماء، أي: يراق، والمني مشدد، ولا يجوز فيه التخفيف، يقال: منى الرجل وأمنى: إذا دفق ماؤه.




                                                الخدمات العلمية