الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5209 ص: حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال: ثنا شعبة ، عن الحكم، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى ، يحدث عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: " أن فاطمة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تشكو إليه أثر الرحا في يدها، وبلغها أن النبي -عليه السلام- أتاه شيء، فأتته تسأله خادما، ، فلم تلقه، ولقيتها عائشة ، -رضي الله عنها-، فأخبرتها الحديث، فلما جاء النبي -عليه السلام- أخبرته بذلك، قال: فأتانا رسول الله -عليه السلام- وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم، فقال: مكانكما، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ تكبرا الله أربعا وثلاثين، وتسبحا ثلاثا وثلاثين، وتحمدا ثلاثا وثلاثين إذا أخذتما مضاجعكما؛ فإنه خير لكما من خادم". .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح ورجاله ثقات.

                                                وعبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي .

                                                [ ص: 286 ] والحكم هو ابن عتيبة .

                                                وأخرجه البخاري: ثنا سليمان بن حرب، نا شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن علي -رضي الله عنه-: "أن فاطمة -رضي الله عنها- شكت ما تلقى في يدها من الرحى، فأتت النبي -عليه السلام- تسأله خادما فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت أقوم، فقال: مكانك، فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم".

                                                وعن شعبة ، عن خالد، عن ابن سيرين قال: التسبيح أربع وثلاثون.

                                                وأخرجه مسلم: ثنا ابن مثنى وابن بشار واللفظ لابن مثنى، قالا: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة ، عن الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى، قال: أنا علي -رضي الله عنه-: "أن فاطمة -رضي الله عنها- اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها، وأتي النبي -عليه السلام- بسبي فانطلقت فلم تجده، ولقيت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي -عليه السلام- أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها، فجاء النبي -عليه السلام- إلينا، وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم، فقال النبي -عليه السلام-: على مكانكما، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري، وقال: ألا أخبركما خيرا مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين، وتسبحاه ثلاثا وثلاثين، وتحمداه ثلاثا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم".

                                                وأخرجه أبو داود: ثنا حفص بن عمر، قال: ثنا شعبة، وثنا مسدد، قال: ثنا يحيى ، عن شعبة - المعنى - عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى - قال مسدد -: ثنا علي -رضي الله عنه- قال: "شكت فاطمة -رضي الله عنها- إلى النبي -عليه السلام- ما تلقى في يدها من الرحى فأتي بسبي،

                                                [ ص: 287 ] فأتته تسأله فلم تره، فأخبرت بذاك عائشة، فلما جاء النبي -عليه السلام- أخبرته، فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم، فقال: على مكانكم، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين؛ فهو خير لكما من خادم".


                                                وأخرجه النسائي في "اليوم والليلة": عن قتيبة ، عن سفيان ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن علي -رضي الله عنه-.

                                                وعن أحمد بن سليمان ، عن يزيد، ثنا العوام ، عن عمرو بن مرة ، عن ابن أبي ليلى في معناه.

                                                قوله: "تسأله خادما" الخادم: واحد الخدم غلاما كان أو جارية؛ لأنه خرج عن عداد الاشتقاق، ودخل في حكم الأسماء كالحائض والعاتق.

                                                قوله: "وقد أخذنا مضاجعنا" أي: دخلنا في فراشنا للنوم.

                                                قوله: "تكبرا الله أربعا وثلاثين" أي: تقولان: الله أكبر - أربعا وثلاثين مرة - وتقولان: سبحان الله - ثلاثا وثلاثين مرة - وتقولان: الحمد لله - ثلاثا وثلاثين مرة - فتصير الجملة مائة مرة.

                                                وفي رواية البخاري: كل واحدة من هذه تقال ثلاثا وثلاثين مرة، فتصير الجملة تسعة وتسعين. وفي رواية ابن سيرين: التسبيح يقال أربعا وثلاثين والتكبير ثلاثا وثلاثين، والتحميد ثلاثا وثلاثين.

                                                قوله: "فإنه خير لكما من خادم" أي قال: هذا القول خير لكما من خادم، معناه أنكما تتقويان بالذكر وتستغنيان عن الخادم.

                                                [ ص: 288 ] ويستفاد من أحكام:

                                                الأول: احتجت به طائفة على أن ذوي قرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا سهم لهم في الخمس معلوم، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

                                                الثاني: فيه بيان فضيلة هذا الذكر.

                                                الثالث: استدلت به طائفة على وجوب الخدمة على الزوجة مثل الطبخ والخبز وغسل الثياب ونحو ذلك، وإن كانت الزوجة من بنات الأشراف، وعندنا ليس عليها ذلك، وإنما كانت خدمة فاطمة -رضي الله عنها- على وجه البر والإحسان لا على وجه الإلزام، فإذا قامت الزوجة بذلك على وجه المروءة والفضل فلها ذلك، ولا إجبار عليها بذلك. وأفتى بعض مشايخنا بالعرف.




                                                الخدمات العلمية