الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6203 6204 6205 ص: وقد روي في ذلك أيضا عن جابر بن عبد الله عن النبي -عليه السلام- ما يوافق هذا.

                                                حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو داود الطيالسي ، ووهب بن جرير ، قالا: ثنا شعبة ، عن زبيد اليامي ، قال: سمعت الشعبي يحدث عن البراء بن عازب قال: "خرج إلينا رسول الله -عليه السلام- يوم أضحى إلى البقيع ، فبدأ فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه فقال: إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم عجله لأهله ليس من النسك في شيء. فقال خالي: يا رسول الله، إني ذبحت وعندي جذعة خير من مسنة، ، فقال: اذبحها ولا تجزئ - أو لا توفي - عن أحد بعدك".

                                                حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال: ثنا عفان بن مسلم ، قال: ثنا شعبة ، قال: أخبرني زبيد ، ومنصور ، وداود ، وابن عون ، ومجالد ، عن الشعبي . - وهذا حديث زبيد - قال: سمعت الشعبي ها هنا يحدث عن البراء عند سارية في المسجد ولو كنت قريبا منها لأخبرتكم بموضعها ثم ذكر مثله.

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو المطرف بن أبي الوزير ، قال: ثنا محمد بن طلحة ، عن زبيد ، عن الشعبي ، عن البراء عن النبي -عليه السلام-... مثله إلا أنه قال: " اذبحها" ولا تزكي جذعة بعد". .

                                                قال أبو جعفر : - رحمه الله -: ففي هذا الحديث قول النبي -عليه السلام-: "إن أول نسكنا هو أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا فأخبر أن النسك في يوم النحر هو الصلاة ثم الذبح بعدها، فدل ذلك على أن ما يحل به الذبح هو الصلاة، لا نحر الإمام الذي يكون بعدها وعلى أن حكم النحر بعد الصلاة خلاف حكم النحر قبلها.

                                                [ ص: 514 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 514 ] ش: أي قد روي فيما ذكرنا من المعنى أيضا عن غير جابر بن عبد الله عن النبي -عليه السلام- ما يوافق هذا المعنى وهو أن النهي إنما قصد به عن الذبح قبل الصلاة، لا قبل الذبح، وهو حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه من ثلاث طرق صحاح.

                                                الأول: عن إبراهيم بن مرزوق عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، عن وهب بن جرير بن حازم ، عن شعبة بن الحجاج ، عن زبيد - بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف - اليامي، ويقال: الإيامي روى له الجماعة، عن عامر الشعبي ، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه الجماعة إلا ابن ماجه:

                                                فالبخاري أخرجه في مواضع:

                                                في العيدين: عن آدم بن أبي إياس ، عن غندر ، عن شعبة ، عن زبير ، عن الشعبي ، عن البراء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي ثم ننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن تعجل فإنما هو لحم قدمه لأهله"، وكان أبو بردة بن نيار ذبح قبل الصلاة قال: يا رسول الله، إن عندي جذعة خير من مسنة، قال: اجعلها مكانها ولن تجزئ عن أحد بعدك".

                                                وفي العيدين والأضاحي: عن حجاج بن المنهال .

                                                وفي الأضاحي: عن بشار ، عن غندر، كلهم عن شعبة ، عن زبيد.

                                                وفي الأضاحي: عن موسى ، عن أبي عوانة ، عن فراس .

                                                [ ص: 515 ] وفي العيدين: عن أبي نعيم ، عن محمد بن طلحة ، عن زبيد .

                                                وعن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير ، عن منصور .

                                                وعن مسدد عن أبي الأحوص عن منصور .

                                                وفي الأضاحي: عن مسدد ، عن خالد الواسطي ، عن مطرف قال: وتابعه عبيدة ، عن الشعبي، قال: وتابعه وكيع ، عن حريث ، عن الشعبي قال: وقال: عاصم وداود: عن الشعبي .

                                                وفي الأيمان والنذور: كتب إلي محمد بن بشار قال: ثنا معاذ بن معاذ ، عن ابن عون كلهم عن الشعبي .

                                                وأخرجه مسلم في الذبائح: عن يحيى بن يحيى ، عن خالد ، عن مطرف.

                                                وعن يحيى بن يحيى ، عن هشيم ، عن داود بن أبي هند .

                                                وعن أبي موسى ، عن ابن أبي عدي ، عن داود .

                                                وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن عبد الله بن نمير ، عن زكرياء ، عن فراس.

                                                وعن أبي موسى ، عن ابن أبي عدي ، عن داود .

                                                وبندار، عن غندر ، عن شعبة .

                                                وعن عبد الله بن معاذ بن معاذ ، عن أبيه، عن شعبة ، عن زبيد .

                                                وعن هناد وقتيبة ، عن أبي الأحوص.

                                                وعن منصور ، عن عثمان وإسحاق بن راهويه ، عن جرير ، عن منصور .

                                                [ ص: 516 ] وعن أحمد بن سعيد الدارمي عن أبي النعمان محمد بن الفضل عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم، كلهم عن الشعبي عن البراء بن عازب.

                                                وأخرجه أبو داود في الأضاحي: عن مسدد عن أبي الأحوص عن منصور عن الشعبي به.

                                                وأخرجه الترمذي في الأضاحي أيضا: عن علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي نحوه، وقال: حسن صحيح.

                                                وأخرجه النسائي في الصلاة: عن عثمان بن عبد الله عن عفان عن شعبة عن منصور وداود وابن عون ومجالد وزبيد عن الشعبي نحوه.

                                                وعن محمد بن عثمان بن أبي صفوان عن بهز عن شعبة عن زبيد نحوه.

                                                وفي الأضاحي: عن قتيبة عن أبي الأحوص عن منصور .

                                                وعن هناد عن ابن أبي زائدة عن أبيه عن فراس عن الشعبي فذكر أحدهما ما لم يذكر الآخر.

                                                الطريق الثاني: عن محمد بن علي بن داود البغدادي عن عفان بن مسلم الصفار عن شعبة بن الحجاج عن زبيد بن الحارث ومنصور بن المعتمر وداود بن أبي هند وعبد الله بن عون المزني ومجالد بن سعيد الهمداني الكوفي خمستهم عن عامر الشعبي، وهؤلاء كلهم ثقات، غير أن مجالدا تكلم فيه يحيى بن معين، وقال أحمد: ليس بشيء. وهذا لا يضر صحة الإسناد؛ لأنه ذكر فيه متابعة.

                                                [ ص: 517 ] وبهذا الطريق أخرجه النسائي وقد ذكرناه.

                                                الطريق الثالث: عن أبي بكرة بكار القاضي عن أبي المطرف بن أبي الوزير، وهو محمد بن عمر بن مطرف البصري عن محمد بن طلحة بن مطرف اليامي عن زبيد اليامي عن عامر الشعبي .

                                                وأخرجه البخاري في بعض طرقه بهذا الإسناد وقد ذكرناه.

                                                قوله: "إلى البقيع" بالباء الموحدة، وهو بقيع الغرقد وهو موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها، كان به شجر الغرقد فذهب وبقي اسمه، والبقيع في الأصل اسم للمكان المتبقع ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها.

                                                قوله: "إن أول نسكنا" بضم النون والسين وسكون السين أيضا، وهو ما أمرت به الشريعة، والنسك أيضا الطاعة والعبادة و: [كل ما] تقرب به إلى الله تعالى، والناسك: العابد.

                                                قوله: "فقال خالي" وهو أبو بردة بن نيار وهو خال البراء بن عازب ، وإسحق هانئ بن نيار البلوي المدني .

                                                قوله: "عندي جذعة" بالفتحات وقد مر تفسيرها عن قريب مستقصى.

                                                ويستفاد منه أحكام: استحباب قيام صلاة العيد في الجبانة وأن صلاة العيد ركعتان، وأن وقت النحر بعد الفراغ من الصلاة وأن الجذعة من المعز لا يجوز الأضحية بها وأن هذا كان مختصا بأبي بردة .




                                                الخدمات العلمية