الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6678 ص: حدثنا حسين بن نصر ومحمد بن حميد ، قالا: ثنا عبد الله بن يوسف ، قال: حدثني يحيى بن حمزة ، قال: حدثني زيد بن واقد ، أن خالد بن عبد الله بن حسين حدثه، قال: حدثني أبو هريرة، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن شرب في آنية الفضة والذهب لم يشرب بها في الآخرة، ثم قال: لباس أهل الجنة، وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة".

                                                التالي السابق


                                                ش: من الأحاديث الدالة على تحريم الحرير على الرجال حديث أبي هريرة .

                                                [ ص: 281 ] أخرجه بإسناد صحيح، عن حسين بن نصر ، ومحمد بن حميد بن هشام الرعيني، كلاهما عن عبد الله بن يوسف التنيسي شيخ البخاري ، عن يحيى بن حمزة بن واقد الدمشقي ، عن زيد بن واقد القرشي أبي عمرو الشامي الدمشقي ، عن خالد بن عبد الله بن حسين القرشي الأموي الدمشقي، مولى عثمان بن عفان ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه النسائي: أنا هشام بن عمار ، عن يحيى بن حمزة ، عن زيد بن واقد حدثني خالد بن عبد الله بن حسين، قال: حدثني أبو هريرة ... . إلى آخره نحوه.

                                                وقد رأيت أن الطحاوي: قد أخرج أحاديث هذا الباب عن خمسة عشر نفرا من الصحابة، وهم عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وحذيفة بن اليمان ، وعمران بن الحصين ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن الزبير ، وأبو سعيد الخدري ، وأنس بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وعقبة بن عامر الجهني ، وأبو أمامة ، وأبو هريرة - رضي الله عنهم - .

                                                ولما أخرج الترمذي حديث أبي موسى الأشعري قال: وفي الباب عن عمر ، وعلي وعقبة بن عامر والبراء وأنس وحذيفة وأم هانئ وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين ، وعبد الله بن الزبير وجابر وأبي ريحانة وابن عمر - رضي الله عنهم -.

                                                قلت: لم يفت الطحاوي من هؤلاء إلا أم هانئ، وجابر ، وأبو ريحانة ، وأبو موسى الأشعري .

                                                أما حديث أم هانئ - رضي الله عنها - فأخرجه أبو يعلى في "مسنده": ثنا زهير، نا جرير ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي فاختة حدثتني أم هانئ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهديت [ ص: 282 ] له حلة حرير سيراء، فبعث بها إلى علي - رضي الله عنه - فراح وهي عليه، فقال رسول الله -عليه السلام- لعلي: لا أرضى لك إلا ما أرضى لنفسي، إني لم أكسكها لتلبسها، إني كسوتكها لتجعلها خمرا بين الفواطم".

                                                وأما حديث جابر - رضي الله عنه - فأخرجه أحمد في "مسنده": نا موسى، نا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر: "أن رسول الله -عليه السلام- أهدى إليه راهب من الشام جبة من سندس، فلبسها النبي -عليه السلام- ثم أتى البيت فوضعها، وأخبر بوفد يأتيه، فأمره عمر بن الخطاب أن يلبس الجبة لقدوم الوفد، فقال النبي -عليه السلام-: لا يصلح لنا لباسها في الدنيا، ويصلح لنا لباسها في الآخرة، ولكن خذها يا عمر، فقال: أتكرهها وآخذها؟! فقال النبي -عليه السلام-: إني لا آمرك أن تلبسها، ولكن ترسل بها إلى أرض فارس فتصيب بها مالا، فأبى عمر - رضي الله عنه - فأرسل بها النبي -عليه السلام- إلى النجاشي وكان قد أحسن إلى من فر إليه من أصحاب محمد -عليه السلام-".

                                                وأما حديث أبي ريحانة، فأخرجه أبو داود: ثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني، قال: حدثني المفضل بن فضالة ، عن عياش بن عباس ، عن أبي الحصين الهيثم بن شفي، قال: "خرجت أنا وصاحب لي يكنى أبا عامر رجل من المعافر لنصلي بإيلياء، وكان قاصهم رجلا من الأزد يقال له: أبو ريحانة من الصحابة قال أبو الحصين فسبقني صاحبي إلى المسجد، ثم أدركته فجلست إلى جنبه، فسألني: هل أدركت قصص أبي ريحانة؟ قلت: لا، قال: سمعته يقول: نهى رسول الله -عليه السلام- عن عشر: عن الوشر، والوشم، والنتف، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار، ومكامعة المرأة المرأة بغير شعار، وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرا مثل الأعاجم، أو يجعل على منكبيه حريرا مثل الأعاجم، وعن النهبى، وركوب النمور، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان".

                                                [ ص: 283 ] وأخرجه النسائي وابن ماجه .

                                                وأبو ريحانة اسمه شمغون بالشين والغين المعجمتين وهو أنصاري، وقيل: قرشي، ويقال له: مولى رسول الله -عليه السلام- قدم مصر، وروى عنه أهلها.

                                                و"الوشر" تحديد الأسنان، تفعله المرأة الكبيرة تتشبه بالشابات.

                                                و"الوشم" أن يغزر الجلد بإبرة ثم يحشى بكحل أو نيل فيزرق أو يخضر.

                                                و"المكامعة" أن يضاجع الرجل الرجل في ثوب واحد لا حاجز بينهما، والمكامعة أن يلثم الرجل الرجل ويضع فمه على فمه كالتقبيل، أخذ من الكعم وهو شد فم البعير لئلا يعض، والكلب لئلا ينبح.

                                                و"الياء" بالكسر والمد: بيت المقدس، قيل معناه بيت الله، ويقال فيه بالقصر، وبحذف الياء الأولى أيضا وسكون اللام، فهذه ثلاث لغات.

                                                وأما حديث أبي موسى الأشعري: فأخرجه الترمذي: نا إسحاق بن منصور، قال: أنا عبيد الله بن نمير قال: نا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن سعيد بن أبي هند ، عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله -عليه السلام- قال: "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم". وقال: حديث حسن صحيح.




                                                الخدمات العلمية