الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6692 6693 6694 6695 6696 ص: وقد روي في ذلك عن أصحاب رسول الله -عليه السلام- ما حدثنا أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز ، قال: ثنا بندار ، قال: ثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم النخعي، قال: " دخلت على عائشة ، - رضي الله عنها - فرأيت عليها ثيابا مصبغة". .

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، قال: أخبرني ابن جريج ، عن موسى بن عقبة، قال: " كانت أم سلمة ، وعائشة ، وأم حبيبة ، -رضي الله عنهن- يلبسن المعصفرات".

                                                [ ص: 297 ] حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال: أخبرني أبو الزبير ، سمع جابرا - رضي الله عنه - يقول: "المهلة لا تلبس ثياب الطيب، وتلبس الثياب المعصفرات من غير طيب".

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها -: " أنها كانت تلبس الثياب المعصفرات وهي محرمة ليس فيهن زعفران". .

                                                حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: "ما رأيت أسماء لبست إلا المعصفر حتى لقيت الله -عز وجل-، وإن كانت لتلبس الثوب فيقوم قياما من العصفر".

                                                فما تنكرون أن يكون الحرير كذلك؛ فيكون مكروها لبسه للرجال، غير مكروه للنساء؟.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن الصحابة في جواز لبس الثياب المصبغات للنساء، ذكر هذا شاهدا لقوله: فكان ذلك التحريم على الرجال دون النساء.

                                                وأخرج في ذلك عن فعل عائشة وأم سلمة وأم حبيبة وأسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهن- وعن قول جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.

                                                أما ما روي عن هؤلاء الصحابيات فأخرجه من وجوه:

                                                الأول: بإسناد صحيح: عن أبي خازم -بالمعجمتين- عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي، أحد الأئمة الحنفية الكبار الصين الدين الأمين، عن بندار محمد بن بشار البصري شيخ الجماعة، عن محمد بن أبي عدي وهو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي السلمي البصري شيخ أحمد ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن أبي معشر زياد بن كليب الحنظلي الكوفي ، عن إبراهيم النخعي .

                                                [ ص: 298 ] وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عباد بن العوام ، عن سعيد ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم: "أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي -عليه السلام- فيراهن في اللحف الحمر قال: وكان إبراهيم لا يرى بالمعصفر بأسا".

                                                وقد دل هذا الأثر على شيئين:

                                                أحدهما: كون إبراهيم من التابعين؛ لأنه رأى عائشة - رضي الله عنها - ولكن قالوا: إنه لم يسمع منها شيئا.

                                                والآخر: أن الثياب المعصفرة جائزة للنساء.

                                                الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري ، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، عن موسى بن عقبة ... . إلى آخره.

                                                الثالث: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير ، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق.

                                                وأخرجه مالك في "موطئه" .

                                                الرابع: عن يونس ، عن عبد الله بن وهب ، عن يحيى بن عبد الله بن سالم ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام القرشية الأسدية، زوجة هشام بن عروة.

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا غندر ، عن هشام ، عن فاطمة بنت المنذر: "أن أسماء كانت تلبس المعصفرات وهي محرمة".

                                                وأما ما روي من قول جابر - رضي الله عنه -، فأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد ، عن عبد الملك بن جريج ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، عن جابر - رضي الله عنه -.

                                                [ ص: 299 ] وأراد "بالمهلة" المحرمة، من الإهلال، وهو رفع الصوت بالتلبية للإحرام.




                                                الخدمات العلمية