الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6712 6713 ص: وقد روي في هذا أيضا عن ابن عمر عن النبي -عليه السلام- خلاف ذلك.

                                                حدثنا يزيد بن سنان وابن مرزوق ، قالا: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي ، قال: سمعت نافعا يحدث، عن ابن عمر قال: " رأى عمر - رضي الله عنه - عطاردا التميمي يقيم في السوق حلة سيراء، . فقال عمر: : يا رسول الله، لو اشتريتها لوفد العرب إذا وفدوا عليك؟ فقال رسول الله -عليه السلام-: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في [ ص: 310 ] الآخرة، فلما كان بعد ذلك أتي رسول الله -عليه السلام- بحلل سيراء ، فبعث إلى عمر بحلة، ، وإلى أسامة بحلة، ، وأعطى عليا حلة ، فأمره أن يشقها خمرا بين نسائه، قال: وراح أسامة بحلته، فنظر إليه رسول الله -عليه السلام- نظرا عرف أنه كره ما صنع، فقال: إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين نسائك". .

                                                حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا حامد بن يحيى ، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر قال: " أبصر رسول الله -عليه السلام- حلة سيراء على عطارد، ، فكرهها له ونهاه عنها، ثم إنه كسى عمر - رضي الله عنه - مثلها، فقال: يا رسول الله، قلت في حلة عطارد ما قلت، وتكسوني هذه؟ فقال: إني لم أكسكها لتلبسها إنما أعطيتكها لتلبسها النساء". .

                                                فأخبر ابن عمر ، - رضي الله عنهما - عن النبي -عليه السلام- في هذا الحديث أن قوله: "إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له" إنما قصد به الرجال دون النساء.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي في حكم لبس الحرير عن عبد الله بن عمر ، عن النبي -عليه السلام- خلاف ما روي عنه من تعميم كراهة الحرير في حق الرجال والنساء جميعا، بيان ذلك: أن ابن عمر - رضي الله عنهما - قد روي عنه أيضا ما يدل على أنه -عليه السلام- قصد من قوله: "من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" الرجال دون النساء، وهذا خلاف ما روي عنه من تعميم ذلك، الذي احتج به من يذهب إلى عموم التحريم في حق الرجال والنساء جميعا، والأخذ بهذه الرواية التي فيها تخصيص التحريم بالرجال أولى؛ لموافقتها الأحاديث القاصرة للتحريم على الرجال دون النساء.

                                                وأخرج هذه الرواية من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق، كلاهما عن وهب بن جرير ، عن أبيه جرير بن حازم ، عن نافع ، عن ابن عمر .

                                                [ ص: 311 ] وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه مطولا ومختصرا.

                                                قوله: "عطاردا" وهو عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي، وقد ذكرناه عن قريب.

                                                قوله: "سيراء" بكسر السين وفتح الياء آخر الحروف وبالمد، وهو نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور، وهو فعلاء من السير، وهو القد، وهو هكذا يروى على أنه صفة للحلة، وقال بعضهم: حلة سيراء على الإضافة، واحتج بأن سيبويه قال: لم تأت فعلاء صفة، لكن اسما، وشرح السيراء بالحرير الصافي، ومعناه حلة حرير.

                                                وفي "سنن أبي داود": السيراء: المضلع بالقز.

                                                قوله: "من لا خلاق له" أي: من لا نصيب له.

                                                قوله: "خمرا" بضم الخاء المعجمة: جمع خمار المرأة، وهو الذي يتغطى به وجهها ورأسها.

                                                الثاني: عن روح بن الفرج ، عن حامد بن يحيى بن هانئ البلخي نزيل طرسوس شيخ أبي داود، وثقه ابن حبان ، عن سفيان بن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن نافع ... إلى آخره.

                                                وأخرجه أحمد: من حديث سالم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - نحوه.




                                                الخدمات العلمية