الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6715 6716 6717 6718 6719 6720 6721 ص: وروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في ذلك ما حدثنا أبو بكرة ، وابن مرزوق ، قالا: ثنا أبو داود الطيالسي ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي عون الثقفي ، قال: سمعت أبا صالح الحنفي يقول: سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول: " أهدي لرسول الله -عليه السلام- حلة سيراء من حرير، فبعث بها إلي، فلبستها، فرأيت الكراهة في وجهه فأطرتها خمرا بين نسائي".

                                                حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال: ثنا شعبة ، قال: أخبرني أبو عون ... . فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا سليمان ، قال: ثنا عبد الرحمن ، قال: ثنا شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن يزيد بن وهب ، عن علي ، - رضي الله عنه -. . . . فذكر مثله.

                                                [ ص: 313 ] حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف ، قال: ثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب، أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين حدثه، أن أباه حدثه، أنه سمع علي بن أبي طالب يقول: "كساني رسول الله - عليه السلام- حلة سيراء، فرحت فيها، فقال: يا علي، ، إني لم أكسكها لتلبسها، فرجعت إلى فاطمة -عليها السلام- فأعطيتها طرفها كأنها تطوي معي، فشققتها، فقالت: تربت يداك يا ابن أبي طالب، ، ماذا جئت به؟ قلت: نهاني رسول الله -عليه السلام- أن ألبسها، فالبسيها واكسي نساءك".

                                                حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا يعقوب بن حميد ، قال: ثنا عمران بن عيينة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي فاختة ، عن جعدة ، عن علي - رضي الله عنه - قال: "أهدى أمير أذربيجان إلى النبي -عليه السلام- حلة مسيرة بحرير، إما سداها وإما لحمتها، فبعث بها إلي، فأتيته، فقلت: يا رسول الله، ألبسها؟ قال: لا، أكره لك ما كره لنفسي، اجعلها خمرا بين الفواطم، . قال: فقطعت منها أربع خمر: خمارا لفاطمة بنت أسد بن هاشم، أم علي بن أبي طالب، ، وخمارا لفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخمارا لفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، ، وخمارا لفاطمة أخرى قد نسيتها".

                                                حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا القعنبي ، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي فاختة ، عن جعدة بن هبيرة ، عن علي - رضي الله عنه -: "أن رسول الله -عليه السلام- أهديت له حلة، لحمتها أو سداها إبريسم، فقلت يا رسول الله، ألبسها؟ قال: أكره لك ما أكره لنفسي؛ ولكن اقطعها خمرا لفلانة وفلانة، وذكر فيهن فاطمة، قال: فشققتها أربع خمر".

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، قال: سمعت مجاهدا يحدث عن ابن أبي ليلى، قال: سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول: " أتي رسول الله -عليه السلام- بحلة حرير، فبعث بها إلي فلبستها، فرأيت الكراهة في وجهه، فأطرتها خمرا بين النساء". [ ص: 314 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 314 ] ش: هذه سبع طرق صحاح ما خلا الطريق الذي فيه يعقوب بن حميد؛ فإنه ضعيف، ويزيد بن أبي زياد كذلك:

                                                الأول: عن أبي بكرة بكار القاضي ، وإبراهيم بن مرزوق، كلاهما عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي عون محمد بن عبيد الله ، عن أبي صالح عبد الرحمن بن قيس ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه أبو داود: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا شعبة ، عن أبي عون، قال: سمعت أبا صالح ، عن علي - رضي الله عنه -، قال: "أهديت إلى رسول الله -عليه السلام- حلة سيراء، فأرسل بها إلي، فلبستها فأتيته، فرأيت الغضب في وجهه، وقال: لم أرسل بها إليك لتلبسها، وأمرني فأطرتها بين نسائي".

                                                قوله: "أطرتها" أي قطعتها وشققتها، وقال الخطابي: معناه قسمتها، يقال: طار لفلان في القسمة سهم كذا، أي صار له، ووقع في حصته، ويقال: معناه: قسمتها بينهن بالقرعة.

                                                قلت: مادته: "همزة وطاء وراء"، وعلى تفسير الخطابي تكون مادته: "طاء وياء وراء". فافهم.

                                                الثاني: عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي ، عن شعبة ، عن أبي عون محمد بن عبيد الله ، عن أبي صالح عبد الرحمن بن قيس الحنفي ، عن علي بن أبي طالب .

                                                وأخرجه مسلم: عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه، عن شعبة ، عن أبي عون ... إلى آخره نحوه.

                                                الثالث: عن سليمان أيضا، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة الهلالي الكوفي ، عن زيد بن وهب الجهني المخضرم ، عن علي - رضي الله عنه - .

                                                [ ص: 315 ] وأخرجه مسلم: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا غندر ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن زيد بن وهب ، عن علي بن أبي طالب، قال: "كساني رسول الله -عليه السلام- حلة سيراء [فرجعت] فيها، فرأيت الغضب في وجهه، قال: فشققتها بين نسائي".

                                                الرابع: عن يونس بن عبد الأعلى ... إلى آخره.

                                                ورجاله كلهم رجال الصحيح.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا يعقوب ، عن أبي إسحاق، حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: "نهاني رسول الله -عليه السلام-، -لا أقول: نهاكم- عن تختم الذهب، ولبس القسي والمعصفر، وقراءة القرآن وأنا راكع، وكساني حلة من سيراء فخرجت فيها، فقال: يا علي: إني لم أكسكها لتلبسها، قال: فرجعت بها إلى فاطمة - رضي الله عنها - فأعطيتها ناحيتها، فأخذت بها لتطويها معي، فشققتها شقين، قال: فقالت: تربت يداك يا ابن أبي طالب، ماذا صنعت؟ قال: فقلت لها: نهاني رسول الله -عليه السلام- عن لبسها، فالبسي واكسي نساءك".

                                                قوله: "تربت يداك" من ترب الرجل إذا افتقر، أي لصق بالتراب، وأترب إذا استغنى، وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب، لا يريدون بها الدعاء على المخاطب، ولا وقوع الأمر بها، كما يقولون: قاتله الله.

                                                وقيل معناها: لله درك.

                                                وقيل: أراد به المثل ليرى المأمور بذلك الحد، وأنه إن خالفه فقد أساء.

                                                وقيل: إنها تستعمل في الدعاء عليه.

                                                [ ص: 316 ] قلت: المعنى هاهنا على ما ذكرناه أولا، وليست هي هاهنا بمعنى الدعاء عليه. فافهم.

                                                الخامس: عن أحمد بن داود المكي ، عن يعقوب بن حميد بن كاسب المدني فيه مقال.

                                                عن عمران بن عيينة، أخي سفيان بن عيينة، قال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، لأنه يأتي بالمناكير. وذكره ابن حبان في "الثقات".

                                                وهو يروي عن يزيد بن أبي زياد القرشي الكوفي، فيه مقال، فعن أحمد: ليس بذاك، وعن يحيى: لا يحتج بحديثه. وقال أبو زرعة: لين، يكتب حديثه ولا يحتج به. وروى له الأربعة ومسلم مقرونا بغيره.

                                                وهو يروي عن أبي فاختة سعيد بن علاقة الهاشمي الكوفي، قال العجلي والدارقطني: ثقة.

                                                عن جعدة بن هبيرة المخزومي، وأمه أم هانئ بنت أبي طالب، أخت علي بن أبي طالب، ذكره ابن حبان في التابعين، وذكره صاحب "التهذيب" في الصحابة.

                                                والحديث أخرجه النسائي في "مسند علي" - رضي الله عنه -.

                                                قوله: "حلة مسيرة بحرير" أي فيها خطوط من إبريسم كالسيور.

                                                و"خمارا لفاطمة أخرى قد نسيتها"، قال عياض: لعلها فاطمة امرأة عقيل بن أبي طالب، وهي بنت شيبة بن ربيعة، وقيل: بنت عتبة بن ربيعة.

                                                السادس: عن يزيد بن سنان شيخ النسائي ، عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي شيخ البخاري ، عن عبد العزيز بن مسلم القسملي المروزي ، عن يزيد بن أبي زياد ... إلى آخره.

                                                قوله: "إبريسم" بكسر الهمزة، لفظ معرب.

                                                [ ص: 317 ] قوله: "لا" أي لا تلبسها.

                                                وقوله: "أكره لك" ابتداء كلام.

                                                السابع: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي بشر بيان بن بشر الأحمسي الكوفي ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار .

                                                وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا محمد بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهديت له حلة حرير فأرسل بها إلي، فرآها علي فقال: إني لا أرضى لك ما أكره لنفسي، فأمرني فشققتها بين النساء".

                                                وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي بن أبي طالب؛ إلا شعبة .




                                                الخدمات العلمية