الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6856 6857 6858 6859 6860 6861 ص: حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا سهيل بن بكار (ح).

                                                وحدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج ، قالا: ثنا أبو عوانة ، عن رقية ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أما أنا فلا آكل متكئا".

                                                حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة، قال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول. . . .، فذكر مثله.

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو نعيم ، قال: ثنا سفيان ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة ، عن رسول الله -عليه السلام-. . . . مثله.

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر بن كدام ، عن علي بن الأقمر، قال: سمعت أبا جحيفة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . . . فذكر مثله.

                                                فليس ذلك على طريق التحريم منه عليهم أن يأكلوا كذلك، ولكن لمعنى في الأكل متكئا خافه عليهم.

                                                [ ص: 417 ] حدثنا ابن أبي عمران ، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال: ثنا جرير عن عبد الحميد، قال: قال الشعبي: " : إنما كره الأكل متكئا؛ مخافة أن تعظم بطونهم". .

                                                فأخبر الشعبي بالمعنى الذي كره رسول الله -عليه السلام- من أجله الأكل متكئا، وأنه إنما هو لما يحدث عنه من عظم البطن، فكذلك ما روي عنه من النهي عن الشرب قائما؛ إنما هو لمعنى يكون من ذلك كرهه من أجله، لا غير ذلك.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا بيان لقوله: "كما قد قال لهم: أما أنا فلا آكل متكئا"

                                                وأخرجه من خمس طرق صحاح:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن سهل بن بكار الدارمي شيخ البخاري ، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري ، عن رقية بن مصقلة الكوفي، روى له الجماعة ابن ماجه في التفسير.

                                                عن علي بن الأقمر بن عمرو الوادعي الكوفي روى له الجماعة، عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي الصحابي - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه النسائي: عن قتيبة ، عن شريك ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة ... . إلى آخره نحوه.

                                                الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن حجاج بن المنهال شيخ البخاري ، عن أبي عوانة. . . . إلى آخره.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" نحوه.

                                                الثالث: عن ربيع بن سليمان المؤذن ، عن أسد بن موسى ، عن جرير بن عبد الحميد ... . إلى آخره.

                                                [ ص: 418 ] وأخرجه البخاري: عن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير ، عن منصور ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة قال: "كنت عند النبي -عليه السلام-، فقال لرجل عنده: لا آكل متكئا".

                                                الرابع: عن فهد بن سليمان ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري ، عن سفيان الثوري .. إلى آخره.

                                                وأخرجه أبو داود: عن محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة .. إلى آخره نحوه.

                                                الخامس: عن فهد أيضا، عن أبي نعيم أيضا، عن مسعر بن كدام .. إلى آخره.

                                                وأخرجه ابن ماجه: عن محمد بن الصباح ، عن سفيان بن عيينة ، عن مسعر ، عن علي بن الأقمر .. إلى آخره. نحوه.

                                                وأخرجه الترمذي أيضا: عن قتيبة ، عن شريك ، عن علي بن الأقمر، به. وقال: حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث علي بن الأقمر .

                                                قوله: "متكئا" حال من الضمير الذي في "لا آكل".

                                                قال الخطابي: يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه، لا يعرفون غيره، وكان بعضهم يتناول هذا الطعام على مذهب الطب ودفع الضرر عن البدن، إذ كان معلوما أن الأكل مائلا على أحد شقيه لا يكاد يسلم من ضغط يناله في مجاري طعامه، ولا يسيغه ولا يسهل نزوله إلى معدته، قال: وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه، وإنما المتكئ هاهنا المعتمد على الوطاء الذي تحته، وكل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ.

                                                [ ص: 419 ] والاتكاء مأخوذ من الوكاء وزنه الافتعال منه، والمتكئ هو الذي أوكأ مقعدته و [شدها ] بالقعود على الوطاء الذي تحته، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متكئا على الأوطئة والوسائد فعل من يريد أن يستكثر الأطعمة ويتوسع من الألوان، ولكن آكل علقة وآخذ من الطعام بلغة، فيكون قعودي مستوفزا له، وروي: "أنه -عليه السلام- كان يأكل مقعيا ويقول: أنا عبد آكل كما يأكل العبد".

                                                قلت: فيما اختاره الخطابي من المعنى نظر؛ لأن معنى الاتكاء في اللغة ينافيه؛ لأن معناه: الاعتماد على الشيء.

                                                قال الجوهري: اتكأ على الشيء فهو متكئ، والموضع متكأ وأوكأت فلانا إيكاء إذا نصبت له متكأ، ومادته: واو، وكاف، وهمزة.

                                                قوله: "فليس ذلك من طريق التحريم منه عليهم" أي فليس قوله -عليه السلام-: "أما أنا فلا آكل متكئا" على التحريم من النبي -عليه السلام- على أمته.

                                                قوله: "أن يأكلوا كذلك" أي بأن يأكلوا متكئين، ولكن لأجل معنى حاصل في الأكل متكئا خافه عليهم أي خاف النبي -عليه السلام- ذلك المعنى على أمته، وبين ذلك بقوله: حدثنا ابن أبي عمران -وهو بن موسى الفقيه- يروي عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني شيخ أبي داود ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن عامر بن شراحيل الشعبي، والباقي ظاهر.




                                                الخدمات العلمية