الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6889 6890 6891 6892 6893 6894 6895 ص: وأما ما ذكروه مما احتجوا به من قول كعب بن عجرة فإنه قد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله -عليه السلام- خلاف ذلك:

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب ، قال: أخبرني مالك ، ويونس ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب: " أن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - كانا يفعلان ذلك".

                                                [ ص: 435 ] حدثني ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم ، عن عبد الله بن عمر ، قال: حدثني سالم أبو النضر ، قال: " كان أبو بكر وعمر ، وعثمان - رضي الله عنهم - يجلس أحدهم متربعا وإحدى رجليه على الأخرى".

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر ، قال: ثنا عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمد ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع: " أنه رأى عثمان بن عفان فعل ذلك".

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال: أخبرني عمر بن عبد العزيز ، أن محمد بن نوفل حدثه: "أنه رأى أسامة بن زيد بن حارثة ، في مسجد النبي -عليه السلام- فعل ذلك".

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب ، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي ، عن نافع: " أنه رأى ابن عمر يفعل ذلك".

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: " رأيت عبد الله مضطجعا بالأراك واضعا إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين . .

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان ، عن عمران بن مسلم ، قال: " رأيت أنس بن مالك قاعدا قد وضع إحدى رجليه على الأخرى".

                                                فقد روينا عن هؤلاء الجلة، من أصحاب رسول الله -عليه السلام- وهذا مما لا نصل إلى تثبيته من طريق النظر فنستعمل فيه ما استعملناه في غيره من أبواب هذا الكتاب.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى من قول كعب بن عجرة المذكور فيما مضى.

                                                وتقرير الجواب: أن يقال: إن كعب بن عجرة إن روي عنه أنه نهى عن وضع إحدى الرجلين على الأخرى، فقد روي عن غيره من الصحابة خلاف ذلك.

                                                [ ص: 436 ] وأخرج عن جماعة وهم: أبو بكر ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وأسامة بن زيد ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -.

                                                أما ما روي عن عمر وعثمان كليهما فأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ويونس بن يزيد الأيلي، كلاهما عن محمد بن مسلم الزهري ، عن سعيد بن المسيب .

                                                الثاني: فيه عن أبي بكر الصديق أيضا: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد .

                                                عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني ، عن أحمد : ليس به بأس. وعن ابن معين: صويلح. روى له الأربعة، ومسلم مقرونا بغيره.

                                                وأما ما روي عن عثمان وحده: فأخرجه عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن عبد الله بن جعفر عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة روى له الجماعة، البخاري مستشهدا، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، روى له الجماعة إلا أبا داود ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع المخزومي: "أنه رأى عثمان - رضي الله عنه -".

                                                وأما ما روي عن أسامة بن زيد ، فأخرجه بإسناد صحيح: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عمر بن عبد العزيز -أحد الخلفاء الراشدين- عن محمد بن نوفل بن الحارث الهاشمي، وثقه ابن حبان . . . . إلى آخره.

                                                وأما ما روي عن ابن عمر ، فأخرجه أيضا بإسناد صحيح: عن يونس ، عن ابن وهب ، عن أسامة بن زيد الليثي، روى له الجماعة البخاري مستشهدا، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر .

                                                وأما ما روي عن عبد الله بن مسعود : فأخرجه عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو ، عن سفيان الثوري ، [عن] جابر بن يزيد [ ص: 437 ] الجعفي ، فيه مقال كثير، عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي الكوفي، روى له الجماعة، قال: "رأيت عبد الله -يعني ابن مسعود ".

                                                وأما ما روي عن أنس بن مالك فأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو ، عن سفيان الثوري ، عن عمران بن مسلم المنقري أبي بكر البصري القصير، روى له الجماعة سوى ابن ماجه .

                                                وقد روى ابن أبي شيبة هذه الآثار في "مصنفه": ثنا وكيع عن عبد العزيز الماجشون ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب : "أن عمر وعثمان كانا يفعلانه".

                                                ثنا يحيى بن سعيد ، عن محمد بن عجلان ، عن يحيى بن عبد الله بن مالك ، عن أبيه قال: "دخل علي عمر - رضي الله عنه -أو رآه- مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى".

                                                ثنا مروان بن معاوية ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث : "أنه رأى أسامة بن زيد جالسا واضعا إحدى رجليه على الأخرى".

                                                ثنا وكيع ، عن أسامة ، عن نافع قال: "كان ابن عمر يضطجع فيضع إحدى رجليه على الأخرى".

                                                ثنا أبو أسامة ، عن أسامة ، عن نافع قال: "كان ابن عمر يستلقي على قفاه، ويضع إحدى رجليه على الأخرى، لا يرى بذلك بأسا، ويفعله وهو جالس لا يرى بذلك بأسا".

                                                [ ص: 438 ] ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن عمه قال: "رأيت ابن مسعود مستلقيا، واضعا إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين

                                                ثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن عمران -يعني ابن مسلم - قال: "رأيت أنسا - رضي الله عنه - واضعا إحدى رجليه على الأخرى".

                                                قوله: "بالأراك" بفتح الهمزة والراء وبعد الألف كاف، قال البكري: "الأراك" بفتح أوله على لفظ جمع أراكة موضع بعرفة، وروى مالك ، عن علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه: "أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تنزل من عرفة بنمرة، ثم تحول إلى الأراك"، والأراك من مواقف عرفة من ناحية الشام، ونمرة من مواقف عرفة من ناحية اليمن.




                                                الخدمات العلمية