الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6896 ص: وقد روي عن الحسن في ذلك ما يدل على غير هذا المعنى:

                                                حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا خالد بن نزار الأيلي ، قال: حدثني السري بن يحيى ، قال: ثنا عقيل، قال: " قيل للحسن: : قد كان يكره أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى؟ فقال الحسن: : ما أخذوا ذلك إلا عن اليهود".

                                                فيحتمل أن يكون كان من شريعة موسى - عليه السلام- كراهة هذا الفعل، فكانت اليهود على ذلك، فأمر رسول الله -عليه السلام- باتباع ما كانوا عليه؛ لأن حكمه أن يكون على شريعة النبي الذي كان قبله، حتى يحدث الله له شريعة تنسخ شريعته، ثم أمر رسول الله -عليه السلام- بخلاف ذلك، وبإباحة ذلك الفعل لما أباح الله -عز وجل- له ما قد كان حظره على من كان قبله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن الحسن البصري في حكم وضع إحدى الرجلين على الأخرى خلاف ما ذكره من المعنى المذكور فيما مضى.

                                                أخرج ذلك عن سليمان بن شعيب ، خالد بن نزار الأيلي، وثقه ابن حبان ، ونسبته إلى مدينة أيلة على ساحل بحر الطور.

                                                عن السري بن يحيى بن إياس الشيباني البصري، وثقه يحيى بن معين ، وأبو زرعة . عن عقيل -بضم العين- بن خالد الأيلي، روى له الجماعة، قال: "قيل للحسن البصري : قد كان يكره. ." إلى آخره.

                                                [ ص: 440 ] قوله: "ما أخذوا ذلك" أي وضع إحدى الرجلين على الأخرى.

                                                قوله: " فيحتمل أن يكون كان من شريعة موسى -عليه السلام-. ." إلى آخره. بيان هذا الكلام: أنه يحتمل أن يكون كان وضع إحدى الرجلين على الأخرى مكروها في شريعة موسى -عليه السلام- وكانت اليهود على ذلك يعني على كراهته فأمر رسول الله -عليه السلام- باتباع ما كانوا عليه أي بأن يتبع شريعة من كان قبله؛ لقوله تعالى: فبهداهم اقتده وكان الحكم أن يكون -عليه السلام- على شريعة من قبله حتى يقص الله عليه بالإنكار، فينسخ ذلك بتجديد شريعة له، وهذا هو الذي قاله أصحابنا الأصوليون: شرائع من قبلنا تلزمنا حتى يقص الله علينا بالإنكار، وقد كان -عليه السلام- نهى عن ذلك؛ اتباعا لشريعة موسى -عليه السلام-، ثم أمره الله تعالى بخلاف ذلك وبإباحة ذلك الفعل حين أباح الله له ما قد كان حظره -أي حرمه- على من كان قبله.

                                                فإذا كان كذلك؛ ثبت انتساخ الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى، وقد روي عن أبي مجلز لاحق بن حميد ، وعكرمة ما روي في ذلك عن الحسن البصري .

                                                قال: ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا يزيد بن هارون ، عن العوام ، عن الحكم قال: "سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس فيضع إحدى رجليه على الأخرى، فقال: لا بأس به، إنما هو شيء كرهته اليهود قالوا: إن الله -عز وجل- خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استوى يوم السبت فجلس تلك الجلسة".

                                                ثنا وكيع ، ثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة قال: "إنما ينهى عن ذلك أهل الكتاب".




                                                الخدمات العلمية