الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7246 7247 ص: وأما وجهه من طريق النظر فقد رأينا الملائكة لا بأس أن نتسمى بأسمائهم ، فكذلك سائر الأنبياء -عليهم السلام - غير نبينا -عليه السلام - فلا بأس أن يتسمى بأسمائهم ويكنى بكناهم ، ويجمع بين اسم كل واحد منهم وكنيته ، فهذا نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا بأس أن يتسمى باسمه ، فالنظر على ذلك أن لا بأس أن يتكنى بكنيته ، وأن لا بأس أن يجمع بين اسمه وكنيته ، فهذا هو النظر في هذا الباب ، غير أن اتباع ما ثبت عن رسول الله -عليه السلام - أولى .

                                                [ ص: 244 ] فقد روي عن رسول الله -عليه السلام - في ذلك أيضا ما حدثنا يونس ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول : "ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم ، ، فقلت : لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينا . فأتى النبي -عليه السلام - ، فذكر ذلك له ، فقال : سم ابنك عبد الرحمن " فهذه الأنصار قد أنكرت على هذا الرجل أن يسمي ابنه القاسم ، ؛ لئلا يكتني به وقصدوا بالكراهة في ذلك إلى الكنية خاصة ، ثم لم ينكر ذلك عليهم رسول الله -عليه السلام - لما بلغه ، فدل ذلك أن نهي رسول الله -عليه السلام - عن التكني بكنيته على أن لا يتكنى أحد بكنيته يتسمى مع ذلك باسمه أو لم يتسم به .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس ، أراد أن [القياس يقتضي أن يباح] التسمي باسم محمد والتكني بكنيته ، كما يباح ذلك بأسماء سائر الأنبياء -عليهم السلام - وكناهم ، وكما يتسمى بأسماء الملائكة ، ولكن ما ثبت عن النبي -عليه السلام - فالاتباع به أولى ويرفع به القياس ، وقد ثبت عنه -عليه السلام - أنه نهى عن التكني بكنيته سواء تسمي مع ذلك باسمه أو لم يتسم ، وقد أوضح ذلك الطحاوي بقوله : "فقد روي عن رسول الله -عليه السلام - " .

                                                وأخرجه بإسناد صحيح ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله .

                                                وأخرجه مسلم : ثنا عمرو الناقد محمد بن عبد الله بن نمير جميعا عن سفيان ، قال عمرو : ثنا سفيان بن عيينة ، قال : ثنا ابن المنكدر ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : "ولد لرجل منا . . . . " إلى آخره نحوه سواء .

                                                فدل ذلك أن النهي من رسول الله -عليه السلام - عن التكني بكنيته مطلقا سواء تسمى مع ذلك باسمه أو لم يتسم .

                                                قوله : "لا نكنيك " من كناه بكنيته بالتخفيف .

                                                [ ص: 245 ] قوله : "ولا ننعمك عينا " بضم النون الأولى وسكون الثانية ، والمعنى : لا تقر به عين ، وهو نصب على التمييز ، ومنه : أنعم الله بك عينا ، والمعنى : نعمك الله عينا ، أي : نعم عينيك وأقرها ، والألف زائدة وقد يحذ فوقها ويقولون : نعمك الله عينا .




                                                الخدمات العلمية