الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5824 5825 ص: وقد روي عن فضالة بن عبيد نحو من هذا :

                                                حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ، قال : ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن عامر اليحصبي ، قال : "كنت عند فضالة بن عبيد ، فأتاه رجلان يختصمان إليه ، فقال أحدهما : إنى وهبت لهذا بازيا ، على أن يثيبني فلم يفعل ، فقال الآخر : وهب لي ولم يذكر شيئا ، فقال له فضالة : : اردد إليه هبته ، فإنما يرجع في الهبة النساء وسقاط الرجال " .

                                                حدثنا فهد ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن عامر اليحصبي أنه قال : "كنت عند فضالة بن عبيد ، إذا جاءه رجلان يختصمان في باز ، فقال أحدهما : وهبت له بازيا ، وأنا أرجو أن يثيبني منه ، وقال الآخر : نعم قد وهب لي بازيا ، وما سألته وما تعرضت له ، فقال فضالة : : اردد إليه هبته ، فإنما يرجع في الهبات النساء وشرار الأقوام" .

                                                [ ص: 331 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 331 ] ش: أي قد روي عن فضالة الصحابي نظير ما روي عن عمر وعلي - رضي الله عنهم - مما يدل على جواز الرجوع في الهبة إذا كانت لأجنبي ولم يعوض فيها ، ولكن يدل على كراهيته مع ذلك ; لأن قوله : "فإنما يرجع في الهبة النساء وسقاط الرجال " يدل على أن هذا صنيع غير محبوب لا يفعله أصحاب المروءات ولا يصدر إلا عن اللئام .

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين :

                                                الأول : عن أبي زرعة الدمشقي حافظ الشام ، وشيخ الطبراني وأبي داود ، عن عبد الله بن صالح ، كاتب الليث وشيخ البخاري ، عن معاوية بن صالح بن حدير الحمصي -قاضي الأندلس ، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي . . إلى آخره .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية بن صالح . . إلى آخره نحوه سواء .

                                                الثاني : عن فهد بن سليمان ، عن عبد الله بن صالح . . إلى آخره .

                                                قوله : "وسقاط الرجال " بضم السين وتشديد القاف ، أي أراذل الناس وأشرارهم ، وقال الجوهري : الساقط والساقطة اللئيم في صفته ونعته ، وقوم سقطى وسقاط .

                                                فإن قلت : قال ابن حزم : خبر فضالة ضعيف ، لأنه عن معاوية بن صالح وليس بالقوي وهو حجة عليهم ; لأنه لم يشترط ذا رحم من غيره ولا أحد الزوجين للآخر ، وظاهره إبطال هبة الثواب ، فعلى كل حال هو حجة عليهم ، لأنهم قد خالفوه .

                                                قلت : معاوية بن صالح وثقه العجلي والنسائي وأبو زرعة وأحمد وابن معين ، وروى له مسلم ، واحتجت به الأربعة ، ولا نسلم أنه حجة عليهم ; لأنهم يحتجون

                                                [ ص: 332 ] به في جواز الرجوع في الهبة ، وظاهره يدل على ذلك ، وأما اشتراط الأجنبي في الرجوع فحجة أخرى على أن الرجلين اللذين اختصما إلى فضالة كانا أجنبيين ، وكذلك عدم جواز رجوع أحد الزوجين فيما وهبه للآخر فبحجة أخرى على ما سيجيء إن شاء الله تعالى .




                                                الخدمات العلمية