الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5033 5034 [ ص: 316 ] ص: فكان من حجة من خالفهم في ذلك أن قال: فقد روى حمل عن النبي -عليه السلام- خلاف هذا، فذكروا ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نشد الناس قضاء رسول الله -عليه السلام- في الجنين، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: إني بين امرأتين، وإن إحداهما ضربت الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله -عليه السلام- في الجنين بغرة، وأن تقتل مكانها".

                                                حدثنا محمد بن النعمان ، قال: ثنا الحميدي ، قال: ثنا هشام بن سليمان المخزومي ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، مثله، غير أنه لم يذكر قوله: "وأن تقتل مكانها".

                                                قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذا حمل بن مالك يروي عن النبي -عليه السلام- أنه قتل المرأة بالتي قتلتها بالمسطح، . فقد خالف أبا هريرة والمغيرة فيما رويا عن النبي -عليه السلام- من قضائه بالدية في ذلك، فقد تكافأت الأخبار في ذلك، فلما تكافأت واختلفت وجب النظر في ذلك; لنستخرج من القولين قولا صحيحا، فاعتبرنا ذلك، فرأينا الأصل المجتمع عليه: أن من قتل رجلا بحديدة عمدا فعليه القود، وهو آثم في ذلك ولا كفارة عليه، في قول أكثر العلماء، وإذا قتله خطأ فالدية على عاقلته والكفارة عليه، ولا إثم عليه، فكانت الكفارة تجب حيث يرتفع الإثم، وترتفع الكفارة حيث يجب الإثم.

                                                ورأينا شبه العمد قد أجمعوا أن الدية فيه وأن الكفارة فيه واجبة.

                                                واختلفوا في كيفيتها ما هي؟ فقال قائلون: هو الرجل يقتل رجلا متعمدا بغير سلاح.

                                                وقال آخرون: هو الرجل يقتل الرجل بالشيء الذي لا يرى أنه يقتله، كأنه يتعمد ضرب رجل بسوط أو بشيء لا يقتل مثله، فيموت من ذلك، فهذا شبه العمد عندهم، فإن كرر عليه الضرب بالسوط مرارا حتى كان ذلك مما قد يقتل [ ص: 317 ] جملته، كان ذلك عمدا ووجب عليه القود، فكل من جعل منهم شبه العمد على جنس من هذين الجنسين أوجب فيه الكفارة.

                                                ولقد رأينا الكفارة فيما قد أجمع عليه الفريقان تجب حيث لا يجب الإثم، وتنتفي حيث يكون الإثم، وكان القاتل بحجر أو بعصا -ومثل ذلك يقتل- عليه إثم النفس، وهو فيما بينه وبين ربه كمن قتل رجلا بحديدة، وكان من قتل رجلا بسوط -ليس مثله يقتل- غير آثم إثم القتل، ولكنه آثم إثم الضرب، فكان إثم القتل في هذا عنه مرفوعا; لأنه لم يرده، وإثم الضرب عليه مكتوب; لأنه قصده وأراده.

                                                فكان النظر أن يكون شبه العمد الذي قد أجمع أن فيه الكفارة في النفس هو ما لا إثم فيه، وهو القتل بما ليس مثله يقتل، الذي يتعمد به الضرب ولا يراد به تلف النفس، فيأتي ذلك على تلف النفس.

                                                فقد ثبت بذلك قول أهل هذه المقالة، وهو قول أبي يوسف 5 ومحمد -رحمهما الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فكان من دليل من خالف أهل المقالة الأولى -وهم: أبو حنيفة ومن معه- فيما ذهبوا إليه:

                                                بيان ذلك أن يقال: إن استدلال أبي حنيفة ومن معه بحديث أبي هريرة والمغيرة بن شعبة المذكور على أن القاتل بعصا ونحوها ليس عليه القصاص، غير تام، ولا مطابق لدعواهم; وذلك لأن حديثهما قد رواه حمل بن مالك حين نشد عمر الناس قضاء رسول الله -عليه السلام- في الجنين، وأخبر في حديثه أنه -عليه السلام- قتل تلك المرأة القاتلة التي قتلت صاحبتها بالمسطح -وهو بكسر الميم- عود من أعواد الخباء، فقد خالف حمل في ذلك أبا هريرة والمغيرة فيما روياه عن النبي -عليه السلام- من قضائه بالدية في ذلك على عاقلتها، فإذا كان كذلك فقد تكافأت الأخبار -أي تساوت- في وجه الاستدلال، بمعنى أن كل واحد من الفريقين إذا احتج بأحد الحديثين، احتج عليه الآخر بالحديث الآخر، فحينئذ يجب الرجوع إلى وجه النظر والقياس، فمن شهد له وجه النظر من ذلك بشيء [ ص: 318 ] يحكم له، فاعتبرنا ذلك، ورأينا الأصل المجتمع عليه أن من قتل رجلا بحديدة حال كونه عامدا فعليه القود، أي القصاص، ومع ذلك هو آثم في ذلك; لأنه تعمد القتل ولا كفارة عليه في قول أكثر العلماء، وأراد بهم أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا وأحمد -في رواية- وسائر أهل الظاهر.

                                                وقال الشافعي: تجب عليه الكفارة كما تجب على القاتل خطأ. وهو قول الحكم بن عتيبة .

                                                وقال مالك والليث بن سعد: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين ويتقرب إلى الله تعالى بما أمكنه من الخير.

                                                واحتج الشافعي بما رواه النسائي: أنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا أبي، نا ابن المبارك، نا إبراهيم بن أبي عبلة ، عن الغريف بن عياش ، عن واثلة بن الأسقع قال: "أتى النبي -عليه السلام- نفر من بني سليم، فقالوا: إن صاحبا لنا قد أوجب، قال: فليعتق رقبة، يفك الله بكل عضو منها عضوا منه من النار".

                                                وبما رواه البزار: ثنا الحسين بن مهدي، ثنا عبد الرزاق، أنا إسرائيل ، عن النعمان ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "جاء قيس بن عاصم إلى رسول الله -عليه السلام- فقال: يا رسول الله، إني وأدت بنات لي في الجاهلية، فقال: أعتق على كل واحدة منهن بدنة".

                                                قلت: قال ابن حزم: حديث واثلة غير صحيح; لأن الغريف مجهول.

                                                فإن قلت: قد أخرج الحاكم هذا الحديث وصححه وقال: ثنا الأصم، ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج، ثنا ضمرة ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن الغريف بن [ ص: 319 ] الديلمي قال: "أتينا واثلة، فقال: أتينا رسول الله -عليه السلام- في صاحب لنا قد أوجب النار، فقال: أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار".

                                                وأخرجه البيهقي من طريقه ثم قال: رواه الحكم بن موسى ، عن ضمرة نحوه، وزاد "قد أوجب -يعني- النار بالقتل".

                                                قلت: رواه ابن المبارك ، عن ابن أبي عبلة فلم يذكر أنه أوجب النار بالقتل، وهو أثبت وأضبط وأتقن من ضمرة بن ربيعة. ولئن سلمنا أنه صحيح، فالحديث لا يدل على دعواه من وجوه:

                                                الأول: تأويل من الراوي في قوله: "أوجب النار بالقتل" لأنه قال: يعني بالقتل.

                                                والثاني: أنه لو أراد رقبة القتل لذكر رقبة مؤمنة، فلما لم يشترط لهم الإيمان فيها، دل على أنها ليست من كفارة القتل.

                                                والثالث: أنه إنما أمرهم بأن يعتقوا عنه، ولا خلاف أنه ليس عليهم عتقها عنه.

                                                والرابع: أن عتق الغير عن القاتل لا يجزئه عن الكفارة.

                                                والخامس: ما قاله ابن حزم: إنما فيه أن صاحبا لنا قد أوجب، ولا نعرف في اللغة أن "أوجب" بمعنى قتل عمدا، فصار هذا التأويل كذبا مجردا، ودعوى على اللغة بما لا يعرف، وقد يكون معنى "أوجب" أي أوجب لنفسه النار بكثرة معاصيه، وقد يكون معنى أوجب أي قد حضرت منيته، وقد يقال: قد أوجب فلان بمعنى مات.

                                                وأما حديث البزار فقد قال ابن حزم: إنه غير صحيح; لأن في طريقه إسرائيل وهو ليس بالقوي، وكان يقبل التلقين، وأيضا فكان يكون في إيجاب ذلك على من قتل نفسا في جاهليته وهو كافر حربي كما كان قيس بن عاصم المأمور بهذه الكفارة في هذا الحديث، وهم لا يقولون بهذا أصلا; فبطل تعلقهم بهذا الخبر.

                                                [ ص: 320 ] فإن قلت: لما وجبت الكفارة على الخاطئ، فهي على العامد أوجب; لأنه أغلظ.

                                                قلت: ليست هذه الكفارة مستحقة بالمأثم فيها; لأن المخطئ غير آثم باعتبار المأثم فيه ساقط، ألا ترى أنه -عليه السلام- أوجب سجود السهو على الساهي ولم يوجب على العامد؟!

                                                قوله: "واختلفوا في كيفيتها ما هي؟ " أي في كيفية شبه العمد، ويمكن أن يكون لما ثبت باعتبار الكيفية.

                                                قوله: "قال قائلون" وأراد بهم: الثوري والأوزاعي وأبا حنيفة ، فأبو حنيفة يقول: القتل بالعصا والحجر صغيرا كان أو كبيرا: شبه العمد، وكذلك التغريق في الماء.

                                                وقال الثوري: شبه العمد أن يضربه بعصا أو بحجر أو بيده فيموت، ففيه الدية مغلظة، ولا قود فيه، والعمد ما كان بسلاح.

                                                وقال الأوزاعي: شبه العمد أن يضربه بعصا أو سوط ضربة واحدة، فإن ثنى بالعصا، ثم مات مكانه، فهو عمد يقتل به.

                                                قوله: "وقال آخرون" أي جماعة آخرون، وأراد بهم: عثمان البتي والشافعي وأبا يوسف ومحمدا; فإنهم قالوا: شبه العمد: القتل بما لا يقتل مثله، كاللطمة الواحدة، والضربة الواحدة بالسوط، ولو كرر ذلك حتى صارت جملته مما يقتل كان عمدا وفيه القصاص.

                                                وقال الكاساني: أما شبه العمد فثلاثة أنواع، بعضها متفق على كونه شبه عمد، وبعضها مختلف فيه.

                                                أما المتفق عليه: فهو أن يقصد القتل بعصا صغيرة أو بحجر صغير أو لطمة أو نحو ذلك مما لا يكون الغالب فيه الهلاك، كالسوط ونحوه إذا ضرب ضربة أو ضربتين ولم يوال في الضربات.

                                                [ ص: 321 ] وأما المختلف فيه: فهو أن يضرب بالسوط الصغير ويوالي في الضربات إلى أن يموت، وهذا شبه عمد بلا خلاف بين أصحابنا، وعند الشافعي هو عمد، وإن قصد قتله بما يغلب فيه الهلاك مما ليس بجارح ولا طاعن، كمدقة القصارين، والحجر الكبير، والعصا الكبيرة، ونحوهما، فهو شبه عمد عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي: هو عمد.

                                                قوله: "فقد ثبت بذلك" أي بما ذكرنا من وجه النظر والقياس قول أهل هذه المقالة وهم أهل المقالة الثانية، ومنهم: أبو يوسف ومحمد .

                                                والذي يفهم من كلامه أن هذا هو مختاره أيضا.

                                                ولقائل أن يقول: وجه هذا النظر الذي ذكره إنما يرجع إليه عند تكافؤ الأخبار، كما ذكره بقوله: "فلما تكافأت واختلفت وجب النظر...." إلى آخره.

                                                وهاهنا ليس كذلك; لأن خبر حمل بن مالك بن النابغة الذي رواه ابن عباس مشتمل على تناقض وتعارض، وذلك لأن رواية أبي عاصم ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار تخبر أن رسول الله -عليه السلام- قضى بأن تقتل تلك المرأة القاتلة مكان تلك المرأة المقتولة، وكذلك جاء في رواية الحجاج ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار، ورواية هشام بن سليمان ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار لم تخبر إلا قضاء رسول الله -عليه السلام- بالغرة في الجنين، وكذلك جاء في رواية سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ولم يذكر في روايتهما عن عمرو بن دينار قتل المرأة، وروى سعيد ، عن قتادة ، عن أبي المليح، عن حمل بن مالك قال: "كانت له امرأتان، فرجمت إحداهما الأخرى بحجر، فأصاب قلبها وهي حامل، فألقت جنينا وماتت، فرفع ذلك إلى رسول الله -عليه السلام- فقضى رسول الله -عليه السلام- بالدية على عاقلة القاتلة، وقضى في الجنين بغرة عبد أو أمة".

                                                وهذا مرسل أخرجه البيهقي في "سننه" معلقا، فهذا كما رأيت أخبار مختلفة ومتضادة فسقطت، وبقي حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري ومسلم، [ ص: 322 ] وحديث المغيرة بن شعبة الذي أخرجه مسلم والأربعة، في نفي القصاص، غير معارض، والعمل به أولى، فافهم.

                                                ثم إنه أخرج حديث حمل بن النابغة من طريقين:

                                                الأول: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري ، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس بن كيسان ، عن عبد الله بن عباس .

                                                وأخرجه أبو داود: نا محمد بن مسعود، قال: نا أبو عاصم ، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، سمع طاوسا ، عن ابن عباس، عن عمر: "أنه سأله عن قضية النبي -عليه السلام- في ذلك، فقال: قام إليه حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين امرأتين، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله -عليه السلام- في جنينها بغرة، وأن تقتل" قال النضر بن شميل: المسطح: العود يرقق به الخبز. وقال أبو عبيد: المسطح عود من العيدان.

                                                وأخرجه النسائي وابن ماجه .

                                                الثاني: عن محمد بن النعمان السقطي ، عن عبد الله بن الزبير الحميدي شيخ البخاري ، عن هشام بن سليمان بن عكرمة بن خالد بن العاص القرشي المخزومي ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس .

                                                ولم يذكر فيه "وأن تقتل مكانها".

                                                وقال الحافظ المنذري: لم يذكر: "وأن تقتل" في غير هذه الرواية -يعني في رواية أبي عاصم ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار- وقد روي عن عمرو بن دينار أنه شك في قتل المرأة بالمرأة.

                                                [ ص: 323 ] وقال البيهقي: شك فيه عمرو بن دينار، والمحفوظ أنه قضى بديتها على عاقلة القاتلة.

                                                وقد قيل: إن ابن جريج أخطأ فيه; لأن سفيان بن عيينة روى هذا الخبر عن عمرو بن دينار ولم يذكر فيه ما ذكر ابن جريج من قوله: "وأن تقتل".

                                                قلت: يؤيد هذا أيضا ما رواه أبو داود: ثنا عبد الله بن محمد الزهري قال: ثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس قال: "قام عمر - رضي الله عنه - على المنبر....".

                                                فذكر معناه، أي معنى حديث ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس المذكور، ولم يذكر: "أن تقتل" زاد: "بغرة عبد أو أمة، فقال عمر: الله أكبر، لو لم أسمع بهذا لقضينا بغير هذا".

                                                وأخرجه النسائي نحوه، ولكن هذا منقطع; لأن طاوسا لم يسمع عمر - رضي الله عنه -.

                                                وهذا الحديث روي أيضا عن جابر وبريدة - رضي الله عنهما -:

                                                أما حديث جابر فأخرجه أبو داود: ثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: نا يونس بن محمد، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: نا المجالد، قال: نا الشعبي ، عن جابر بن عبد الله: "أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى، ولكل واحدة منهما زوج وولدها، قال: فجعل رسول الله -عليه السلام- دية المقتول على عاقلة القاتلة، وبرأ زوجها وولدها، قال: فقال عاقلة المقتولة: ميراثها لنا، فقال رسول الله -عليه السلام-: لا، ميراثها لزوجها وولدها".

                                                وأخرجه ابن ماجه مختصرا.

                                                وأما حديث بريدة فأخرجه أبو داود أيضا: ثنا عباس بن عبد العظيم، [ ص: 324 ] قال: نا عبيد الله بن موسى، قال: نا يوسف بن صهيب ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه: "أن امرأة خذفت أخرى، فأسقطت، فرفع ذلك إلى النبي -عليه السلام- فجعل في ولدها خمسمائة شاة، ونهى يومئذ عن الخذف". قال أبو داود: هكذا قال عباس، وهو وهم، والصواب: "مائة شاة".

                                                وأخرجه النسائي مسندا ومرسلا .

                                                فإن قيل: ما وجه الاختلاف في ألفاظ هذا الحديث، حيث وقع في رواية أبي هريرة "فرمت إحداهما الأخرى بحجر" وفي حديث المغيرة بن شعبة "بعمود" وفي رواية عنه: "بعمود فسطاط" وفي حديث عبد الله بن عباس: "بمسطح" وفي رواية عنه: "بحجر" وفي حديث بريدة: "خذفت" "بالخاء والذال المعجمتين" والقصة واحدة.

                                                قلت: يحتمل أن يكون الضرب وقع بالعمود والحجر، فذكر بعض الرواة أحدهما، وذكر الآخر الآخر، ووقع في حديث ابن عباس اللفظان، ورواية "الخذف" موافقة لرواية "الحجر" والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية