الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4844 ص: حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا يوسف بن عدي ، قال: ثنا أبو الأحوص ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي جميلة ، عن علي - رضي الله عنه - قال: "أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمة فجرت، فأرسلني إليها فقال: اذهب فأقم عليها الحد، . فانطلقت فوجدتها لم تجف من دمها، فرجعت إليه، فقال لي: فرغت؟ فقلت: وجدتها لم تجف من دمها، فقال: إذا هي جفت من دمها فاجلدها، قال علي : - رضي الله عنه -: قال رسول الله -عليه السلام-: أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم".

                                                التالي السابق


                                                ش: يوسف بن عدي، شيخ البخاري .

                                                وأبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، روى له الجماعة.

                                                وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي -بالثاء المثلثة- فيه مقال، ضعفه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. روى له الأربعة.

                                                وأبو جميلة الطهوي اسمه ميسرة، وثقه ابن حبان .

                                                وأخرجه أبو داود: عن محمد بن كثير ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن أبي جميلة ، عن علي بنحوه.

                                                والنسائي: عن قتيبة ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الأعلى ، عن أبي جميلة به.

                                                [ ص: 441 ] واحتج الشافعي ومالك بهذا الحديث على أن للمولى أن يقيم الحد على مملوكه، وهو قول الثوري والأوزاعي، وقد ذكرناه.

                                                وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يقيم الحد على أحد إلا الإمام.

                                                والجواب عن هذا الحديث أنه ضعيف; لأن فيه عبد الأعلى الثعلبي وهو لا يحتج به.

                                                فإن قيل: أخرج مسلم في "صحيحه": من حديث أبي عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب قال: "خطب علي - رضي الله عنه - فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحد، من أحصن منهم ومن لم يحصن; فإن أمة لرسول الله -عليه السلام- زنت فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك لرسول الله -عليه السلام- فقال: أحسنت".

                                                وأخرجه الترمذي .

                                                قلت: هذا حجة لنا لا علينا; لأن عليا - رضي الله عنه - يخبر أن رسول الله -عليه السلام- أمره أن يقيم الحد على تلك الأمة التي زنت فكان الحد بأمر الإمام، وأما قول علي - رضي الله عنه -: "أقيموا على أرقائكم الحد" فمعناه كمعنى قوله -عز وجل-: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقوله: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ومعلوم أن المراد رفعه إلى الإمام لإقامة الحد، فالمخاطبون بإقامة الحد الأئمة، وسائر الناس مخاطبون برفعهم إليهم حتى يقيموا عليهم الحدود، وكذا معنى قوله -عليه السلام- في الحديث الذي رواه أبو جميلة ، عن علي ، عن النبي -عليه السلام-:

                                                [ ص: 442 ] "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم" أي ارفعوا إلى الأئمة ليقيموا الحدود عليهم.




                                                الخدمات العلمية