الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7292 ص: فلما اختلف في التكبير في صلاة العيدين هذا الاختلاف، أردنا أن ننظر في ذلك لنستخرج من أقاويلهم هذه قولا صحيحا، فنظرنا في ذلك فلم يرو عن أحد منهم أنه فرق بين الصلاة في الفطر والأضحى غير علي - رضي الله عنه -، وكانت صلاة الفطر وصلاة النحر صلاتي عيد مفعولتين لمعنى واحد، وهما مستويتان في ركوعهما وسجودهما؛ فكان النظر أن تكونا لا اختلاف بين إحداهما وبين الأخرى في سائر حكمهما؛ فثبت بما ذكرنا التسوية بين الصلاتين في يوم النحر ويوم الفطر، ثم نظرنا في عدد التكبير فيهما، فرأينا سائر الصلوات خالية من هذا التكبير، ورأينا صلاة العيدين قد أجمع أن فيها تكبيرا زائدا على غيرها من الصلوات، فكان النظر أن لا يزاد في الصلاة للعيدين على ما في سائر الصلوات غيرها إلا ما اتفق على زيادته، فكل قد أجمع على زيادة التسع تكبيرات على ما ذهب إليه ابن مسعود وحذيفة وابن عباس وأبو موسى، ومن سمينا معهم - رضي الله عنهم -.

                                                واختلفوا على الزيادة على ذلك فزدنا في هذه الصلاة ما اتفق على زيادته فيها، ونفينا عنها ما لم يتفق على زيادته فيها، فثبت بذلك ما ذهب إليه أهل هذه المقالة.

                                                [ ص: 461 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 461 ] ش: أشار بهذا الكلام إلى أن ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية في عدد تكبيرات العيدين هو أولى بالعمل من جهة النظر والقياس.

                                                وذلك أن القياس كان يقتضي أن لا يزاد شيء من التكبير في صلاتي العيدين قياسا على سائر الصلوات، ولكن وردت الآثار أن فيهما تكبيرا زائدا وقع عليه الإجماع أيضا، وكل الصحابة والتابعين قد أجمعوا على زيادة تسع تكبيرات على ما ذهب إليه عبد الله بن مسعود ومن وافقه في ذلك من الصحابة والتابعين، واختلفوا في الزيادة على التسع، فالنظر أن يعمل بما وقع الاتفاق على زيادته، وينفى عنه ما لم يتفق عليه؛ لأنه لا نزاع فيما وقع عليه الاتفاق، والنزاع قائم فيما لم يقع فيه الاتفاق، فالأخذ بما لا نزاع فيه أولى من جهة النظر والعقل. فافهم.




                                                الخدمات العلمية