الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7292 ص: فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى: أن التكبير ذكر يفعل في الصلاة، وهو غير القراءة، فنظرنا في موضع الذكر من الركعة الأولى في الصلاة ومن الركعة الثانية أين موضعه؟ فوجدنا الركعة الأولى فيها الاستفتاح والقعود على ما رويناه في غير هذا الموضع من كتابنا هذا عن رسول الله -عليه السلام-، وعمن روينا عنه من أصحابه -عليه السلام-، فكان ذلك في أول الصلاة قبل القراءة، فثبت بذلك أن كذلك موضع التكبير في صلاة العيدين في الركعة الأولى، هو ذلك الموضع منها، ووجدنا القنوت في الوتر يفعل في الركعة الآخرة في صلاة الوتر، فكل قد أجمع أنه [ ص: 462 ] بعد القراءة، وأن القراءة مقدمة عليه، وإنما اختلفوا في تقديم الركوع عليه وفي تقديمه على الركوع، فأما في تأخيره عن القراءة فلا.

                                                فثبت بذلك أن موضع التكبير في الركعة الأخيرة من صلاة العيد هو بعد القراءة؛ ليستوي موضع سائر الذكر في الصلوات، ويكون موضع كل ما اختلف في موضعه منه كموضع ما قد أجمع على موضعه، وكل ما بينا في هذا الباب فهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فكان من الدليل والبرهان على الذين ذهبوا إلى أنها في الركعة الأولى بعد التكبير وفي الثانية كذلك، وأراد بها الجواب عما قالوا من وجه النظر والقياس لما ذهبوا إليه.

                                                بيانه ملخصا أن يقال: إن التكبير ذكر يفعل في الصلاة وهو غير القراءة، فمحل الذكر نحو الاستفتاح والتعوذ والتوجه في رأس الركعة الأولى بلا خلاف، فالنظر على ذلك أن تكون التكبيرات في أول الركعة الأولى في صلاة العيدين، وفي أول الركعة الأخيرة أيضا؛ ليتساوى مواضع سائر الأذكار في الصلوات، ولاسيما وقع ذلك في رأس الركعة الأولى بلا خلاف، وينبغي أن تكون الثانية كذلك قياسا ونظرا.

                                                قوله: "فكل قد أجمع أنه" أي فكل العلماء والفقهاء قد أجمعوا أن القنوت بعد القراءة وإنما كان اختلافهم في أنه هل هو بعد الركوع كما ذهب إليه الشافعي وأحمد، أو قبل الركوع كما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه، وليس بينهما اختلاف أنه بعد القراءة، والقنوت أيضا ذكر يفعل في الصلاة بعد القراءة بلا خلاف، ومحله الركعة الأخيرة، فكذلك ينبغي أن تكون التكبيرات بعد القراءة في الركعة الأخيرة. فهذا هو النظر والقياس الصحيح، والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية