الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11323 5106 - (11731) - (3\77) عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلمه يقول: " يفتح يأجوج ومأجوج، يخرجون على الناس، كما قال الله - عز وجل - : من كل حدب ينسلون [الأنبياء: 96]، فيغشون الأرض، وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، ويشربون مياه الأرض، حتى إن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه، حتى يتركوه يبسا، حتى إن من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول: قد كان هاهنا ماء مرة، حتى إذا لم يبق من الناس إلا أحد في حصن أو مدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، بقي أهل السماء " ، قال: " ثم يهز أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء، فترجع إليه مختضبة دما للبلاء والفتنة، فبينا هم على ذلك، بعث الله دودا في أعناقهم كنغف الجراد الذي يخرج في أعناقه، فيصبحون موتى لا يسمع لهم حسا، فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو. قال: " فيتجرد رجل منهم لذلك محتسبا لنفسه قد أطنها على أنه مقتول فينزل، فيجدهم موتى بعضهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين! ألا أبشروا; فإن الله قد كفاكم عدوكم. فيخرجون من مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فما

[ ص: 32 ] يكون لها رعي إلا لحومهم، فتشكر عنه كأحسن ما تشكر عن شيء من النبات أصابته قط " .


التالي السابق


* قوله : " يفتح يأجوج ومأجوج " : الظاهر أن يفتح على بناء الفاعل; أي: يفتحون سدهم، ويحتمل بناء المفعول بتقدير المضاف; أي: يفتح سدهم، وهو الموافق للقرآن.

* " من كل حدب " : مرتفع من الأرض.

* " ينسلون " : يسرعون.

* " فيفشون " : من فشا الأمر: إذا انتشر، والفواشي: المال المنتشر؟ كالغنم

والإبل السوائم.

وفي أصل قديم: " فيغشون " - بالغين المعجمة - من غشي كرضي.

* " وينحاز " : من انحاز القوم: إذا تركوا مركزهم إلى آخر.

* " يبسا " : - بفتحتين - .

* " ثم يهز " : أي: يحرك.

* " حربته " : - بفتح فسكون - ; أي: رمحه.

* " كنغف الجراد " : والنغف - بفتحتين وإعجام العين - : دود يكون في أنوف الإبل والغنم، وفي رواية ابن ماجه: " كنغف الجراد، فتأخذ بأعناقهم، فيموتون موت الجراد، يركب بعضهم بعضا " .

* " لا يسمع لهم حسا " : على بناء المفعول على لغة من يجعل الجار والمجرور نائب الفاعل مع وجود المفعول به، أو على بناء الفاعل; أي: لا يسمع سامع، أو أحد.

[ ص: 33 ] * " قد أطنها " : ضبط - بتشديد النون - على أنه من طن: إذا صوت، والهمزة للتعدية; أي: جعلها تصيح، والأقرب عندي أنه - بتشديد الطاء المهملة - ، أصله وطنها، والهمزة بدل من الواو; كما يقال: أطأ موضع وطأ، ويدل عليه رواية ابن ماجه: " قد وطن نفسه على أن يقتلوه " .

* " رعي " : - بكسر فسكون - : الكلأ، ومثله كثير; كذبح بمعنى مذبوح، ويمكن أن يكون بفتح فسكون على أنه مصدر بمعنى المفعول.

* " فتشكر " : - بفتح الكاف - ; أي: تسمن وتمتلئ شحما.

* * *




الخدمات العلمية