الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11623 5247 - (12034) - (3\106) عن أنس، قال: أقيمت الصلاة، فجاء رجل يسعى، فانتهى وقد حفزه النفس أو انبهر، فلما انتهى إلى الصف، قال: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: " أيكم المتكلم؟ " ، فسكت القوم، فقال: " أيكم المتكلم; فإنه قال خيرا، ولم يقل بأسا " ، قال: يا رسول الله! أنا أسرعت المشي، فانتهيت إلى الصف، فقلت الذي قلت. قال: " لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها، أيهم يرفعها " ، ثم قال: " إذا جاء أحدكم إلى الصلاة، فليمش على هينته، فليصل ما أدرك، وليقض ما سبقه " .

التالي السابق


* قوله : " يسعى " : أي: يسرع في المشي، وقد جاء السعي بمعنى المشي مطلقا كما في قوله - تعالى - : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله [الجمعة: 9]، فلا ينافي آخر هذا الحديث الآية.

* " وقد حفزه النفس " : - بفتح الحاء المهملة والفاء والزاي المعجمة - ، والنفس - بفتحتين - ; أي: جهده من شدة السعي إلى الصلاة، وأصل الحفز: الدفع العنيف.

وفي " النهاية " : " الحفز " : الحث والاستعجال.

[ ص: 113 ] * " أو انبهر " : كلمة " أو " للشك، وهو من البهر - بضم الموحدة - : ما يعتري الإنسان عند السعي الشديد والعدو من تتابع النفس.

* " طيبا " : من الرياء والسمعة.

* " مباركا فيه " : بالنماء والزيادة إلى حيث شاء الله تعالى.

* " أيكم المتكلم؟ " : في " الأزهار " : وفيه دلالة على أن حكم قوله صلى الله عليه وسلم " : " إني أراكم من خلف ظهري " لم يكن دائما، والمانع استغراقه بالله تعالى، ويحتمل الدوام، والسؤال لتحسين حال القائل، ويحتمل دوام الرؤية دون الشعور، انتهى.

* " فإنه قال خيرا " : أي: فلا يسكت خوفا.

* " من الملائكة يبتدرونها " : أي: كل منهم يريد أن يسبق على غيره في رفعها إلى محل العرض أو القبول.

* " أيهم يرفعها " : حال; أي: قاصدين ظهور أيهم يرفعها.

* " على هينته " : - بكسر الهاء - ، أصله الواو; من الهون - بالفتح - ، وهو

الرفق والتثبت، وقيل: الهينة - بالكسر - ، والهون - بالفتح - : الرفق والدعة. وفي " المجمع " : سار على هينته; أي: عادته في السكون والرفق.

* " ما سبقه " : على بناء المفعول والتعدية إلى المفعول الثاني على الحذف والإيصال; أي: ما سبق به، أو على بناء الفاعل، وضمير الفاعل للإمام، و " به " مقدر في الكلام، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية