الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11812 [ ص: 170 ] 5365 - (12221) - (3\121) عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلعب مع الصبيان، فأتاه آت، فأخذه فشق بطنه، فاستخرج منه علقة، فرمى بها، وقال: هذه نصيب الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب من ماء زمزم، ثم لأمه، فأقبل الصبيان إلى ظئره: قتل محمد، قتل محمد، فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد انتقع لونه، قال أنس: فلقد كنا نرى أثر المخيط في صدره.

التالي السابق


* قوله : " عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلعب مع الصبيان " : أي: في صباه، ولا يخفى أن أنسا ما حضر الوقعة، فالحديث مرسل صحابي، وهو مقبول محمول على السماع من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من صحابي آخر.

* " علقة " : - بفتحات - : [هو]، دم غليظ أسود، قيل: هو أم المفاسد والمعاصي في القلب.

* " نصيب الشيطان منك " : قيل: الظاهر أن " منك " متعلقة بنصيب، ويجوز

أن يكون ظرفا مستقرا.

وفيه: أنه تعالى عصمه من آفة الشيطان وطمعه، كما أسلم له شيطانه على يده، فجعله قدسيا طاهر الأصل والعنصر، منور القلب مقدس الجسم، مستعدا لقبول الوحي السماوي والفيض الإلهي، لا يتطرق إليه هواجس النفس.

* " في طست " : بالإهمال أو الإعجام.

* " من ماء زمزم " : كلمة " من " بمعنى الباء كما في رواية، أو المعنى: مملوء من ماء زمزم.

قيل: فيه دليل على فضل ماء زمزم على ماء الجنة، وإلا لغسلوا به.

* " ثم لأمه " : بفتح لام وهمزة وميم - ; كمنع; أي: أصلحه وضمه.

* " ظئره " : - بكسر فسكون - ; أي: مرضعته حليمة.

* " قتل محمد " : على بناء المفعول; أي: قائلين: قتل محمد.

[ ص: 171 ] * " انتقع " : أي: تغير.

* " المخيط " : هو - بكسر ميم وسكون خاء وفتح ياء - : هو الإبرة، ذكره النووي.

ويفهم من كلام بعض أنه - بفتح فكسر - ، فقيل: يحتمل أنه مصدر يعني: الخياط، وأن يكون اسم مفعول.

قالوا: أمثال هذه الأحاديث محمولة على ظاهرها، فإنها أخبار صادق مصدوق عن قدرة القادر، فأي ضرورة إلى التأويل؟.

قيل: وفيه معجزة له صلى الله عليه وسلم في الصغر; فإن من شق جوفه وقلبه، واستخرج سويداؤه، لا يعيش قطعا، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية