الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
77 53 - (76) - (1 \ 13) عن الزهري، قال: أخبرني ابن السباق، قال: أخبرني زيد بن ثابت: أن أبا بكر - رضي الله عنه - أرسل إليه مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بأهل اليمامة من قراء القرآن من المسلمين، وأنا أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب قرآن كثير لا يوعى، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: وكيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم; فقال: هو والله خير، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله بذلك صدري، ورأيت فيه الذي رأى عمر، قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم.

فقال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجمعه. قال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان بأثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، فقلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.


التالي السابق


* قوله: "فإذا عمر عنده" : أي: فدخلت عليه، فإذا عمر عنده، والمفاجأة في مثله باعتبار ما وجده، وإلا فعمر كان عنده من قبل.

* "قد استحر" : أي: اشتد وكثر، استفعال من الحر بمعنى الشدة، والمراد بأهل اليمامة: المسلمون الذين قاتلوا مسيلمة، قيل: بعث أبو بكر خالد بن

[ ص: 68 ] الوليد
مع جيش إلى اليمامة، فقاتلهم بنو حنيفة قتالا شديدا، وقتل من القراء سبع مئة، ومن غيرهم خمس مئة، ثم فتح، وقتل مسيلمة.

* "أن يستحر" : قيل: يحتمل أن تكون "أن" شرطية، ومفعول أخشى محذوف، أو مصدرية، فهو مفعوله، قلت: وهو الظاهر.

* "لا يوعى" : على بناء المفعول; أي: لا يحفظ.

فإن قلت: كيف يكون ذاك، أو يخاف من ذاك مع قوله - تعالى - : وإنا له لحافظون [الحجر: 9]؟

قلت: الكلام بالنظر إلى الأسباب ومراعاتها لا ينافي اعتقاد أنه لا بد من تحقق الحفظ; إذ قد يكون الحفظ منه - تعالى - بأن يوفق عباده لأسبابه.

* "كيف أفعل شيئا" : كأنه رأى أنه بدعة، وهي منكرة مطلقا، ثم رأى أن ما له مدخل في حفظ الدين، فهو حسن، وإن كان بدعة.

* "لو كلفوني" : من التكليف.

وفي الحديث اختصار; أي: ثم اتفق رأيهما على ذلك، فجمعت.

* * *




الخدمات العلمية