الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11945 5442 - (12354) - (3\132 - 133) عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم، لم يؤاكلوهن، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله - عز وجل - : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن [البقرة: 222]، حتى فرغ من الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " ، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه؟ فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر، فقالا: يا رسول الله! إن اليهود قالت: كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله، حتى ظننا أنه قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية

[ ص: 209 ] من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أنه لم يجد عليهما.


التالي السابق


* قوله : " ولم يجامعوهن في البيوت " : أي: لم يصاحبوهن في البيوت، وليس المراد بالجماع ظاهره.

* " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " : أي: الوطء، وليس المراد به العقد، وهو ظاهر، والحديث تفسير للآية، وبيان أن ليس المراد بالاعتزال مطلق المجانبة، بل المجانبة المخصوصة، وأخذ بظاهره بعض العلماء، فجوزوا المباشرة بلا إزار، وحملوا فعله صلى الله عليه وسلم على الندب، والجمهور على أنه لابد من الإزار، ورجح النووي الأول دليلا، نعم الثاني أحوط عملا، وأولى كما لا يخفى.

* " أسيد بن حضير " : بالتصغير فيهما.

* " وعباد " : بفتح فتشديد - .

* " أفلا نجامعهن " : تتميما لمخالفة الأعداء.

* " وجد عليهما " : أي: غضب.

* " فاستقبلتهما هدية " : أي: استقبلهما حين خرجا إنسان معه هدية.

* " فأرسل " : أي: رسولا ليناديهما إليه.

" فسقاهما " : أي: أمرهما بأن يشربا اللبن، أو أعطاهما ذلك اللبن ليشربا، أو مكنهما من الشرب; بأن أعطاهما ذلك، لكن زيادة الدارقطني في " العلل " : وقال لهما: " قولا: اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك; فإنهما بيدك، لا يملكهما أحد غيرك " تفيد الأمر، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية