الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
13954 6028 - (14363) - (3 \ 313) عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي ، فإني جعلت قاسما أقسم بينكم " .

التالي السابق


* قوله : "فإني جعلت " : على بناء المفعول .

* "أقسم " : أي : العلم والخير والمال ، والظاهر أن هذه الجملة تعليل للمنع عن التكني بكنيته ; أي : إني مخصوص بالتكني بأبي القاسم ; لاختصاص معنى القسمة بي ، فلا ينبغي لغيري التكني بهذا الاسم ; لعدم وجود المعنى الذي هو مدار التكني به .

ويرد عليه أولا : أن اختصاص وجه التسمية لا يقتضي اختصاص الاسم ; فإن الإنسان كثيرا ما يسمى باسم بلا مناسبة ، نعم اللائق أن تكون التسمية باسم مناسب بالمسمى .

وثانيا : أن هذا يقتضي اختصاص اسم القاسم به ، لا اختصاص أبي القاسم ، والكلام في الثاني دون الأول .

فالجواب عن الأول : أنه منعهم عن التكني ; لأن الاشتراك في الكنية قد يؤدي إلى أن يؤذيه الأعداء بأن ينادوا بالكنية ، فإذا التفت ، يقولون : ما عنيناك ; كما سبق تحقيق ذلك ، وإنما ذكر هذا تأكيدا للمنع ، وتأييدا له ; كأنه قال لهم : أي حاجة إلى التكني بهذه الكنية ، مع عدم المناسبة ؟ ولم يرد أن هذا مانع مستقل في إفادة المنع حتى يرد ما ذكرت .

وعن الثاني : أنه مبني على أن أبا القاسم مبالغة في القاسم ; كأحمري مبالغة في أحمر ، وبيانه أنه من قبيل التجريد للمبالغة ; كرأيت من زيد أسدا ; كأنه بلغ

[ ص: 35 ] من كونه أحمر أو قاسما إلى حد يجرد منه غيره ، وينسب هو إليه ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية