الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
14609 [ ص: 194 ] 6349 - (15027) - (3 \ 376 - 377) عن جابر بن عبد الله ، قال : لما استقبلنا وادي حنين ، قال : انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط ، إنما ننحدر فيه انحدارا ، قال : وفي عماية الصبح ، وقد كان القوم كمنوا لنا في شعابه وفي أحنائه ومضايقه ، قد أجمعوا وتهيؤوا وأعدوا ، قال : فوالله ! ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد ، وانهزم الناس راجعين ، فاستمروا لا يلوي أحد منهم على أحد .

وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ، ثم قال : " إلي أيها الناس ، هلموا إلي ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله " . قال : فلا شيء ، احتملت الإبل بعضها بعضا ، فانطلق الناس ، إلا أن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته غير كثير ، ثبت معه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب ، والعباس بن عبد المطلب ، وابنه الفضل بن عباس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وربيعة بن الحارث ، وأيمن بن عبيد ، وهو ابن أم أيمن ، وأسامة بن زيد .

قال : ورجل من هوازن على جمل له أحمر ، في يده راية له سوداء في رأس رمح طويل له أمام الناس ، وهوازن خلفه ، فإذا أدرك ، طعن برمحه ، وإذا فاته الناس ، رفع لمن وراءه فاتبعوه .

قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبد الله ، قال : بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جمله ذلك يصنع ما يصنع ، إذ هوى له علي بن أبي طالب ، ورجل من الأنصار يريدانه ، قال : فيأتيه علي من خلفه ، فضرب عرقوبي الجمل ، فوقع على عجزه ، ووثب الأنصاري على الرجل ، فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه ، فانجعف عن رحله ، واجتلد الناس ، فوالله ! ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .


التالي السابق


* قوله : "انحدرنا " : أي : نزلنا .

[ ص: 195 ] * "حطوط " : - بفتح الحاء - : صيغة المبالغة من الحط ، وهو النزول والتسفل .

* "وفي عماية " : ضبط : - بفتح عين مهملة وتشديد ميم - ، وفسر بأنه بقية ظلمة الليل ، والمعنى : ونحن في عماية .

* "قد كان القوم " : أي : العدو .

* "كمنوا " : أي : اختفوا .

* "قد أجمعوا " : أي : عزموا .

* "وأعدوا " : من الإعداد .

* "إلا الكتائب " : أي : العساكر .

* "وانحاز " : أي : تنحى .

* "فلا شيء " : أي فلا أحد يسمع ذاك الكلام .

* "فإذا أدرك " : أي : أحدا من المسلمين .

* "أطن " : - بتشديد النون - وهو من الطنين ، وهو صوت الشيء الصلب ; أي : جعلها تطن من صوت القطع .

* "فانجعف " : أي : انقطع .

* "واجتلد " : في بعض النسخ : "واجلد" - بتشديد الجيم - بقلب التاء جيما ، وإدغام الجيم في الجيم .

وفي "المجمع " : رواه أحمد ، وأبو يعلى ، وزاد : "وصرخ حين كانت الهزيمة كلدة ، وكان أخا صفوان بن أمية ، وكان يومئذ مشركا في المدة التي ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا بطل السحر اليوم ، وقال له صفوان : اسكت ، فض الله فاك ، فوالله ! لأن يربني رجل من قريش ، أحب إلي من أن يربني رجل من

[ ص: 196 ] هوازن " ، ورواه البزار باختصار ، وفيه إسحاق ، وقد صرح بالسماع في رواية أبي يعلى ، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح .

* * *




الخدمات العلمية