الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
15942 7019 - (16377) - (4\32) عن أبي شريح الخزاعي قال : لما بعث عمرو بن سعيد إلى مكة بعثه يغزو ابن الزبير ، أتاه أبو شريح فكلمه وأخبره بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج إلى نادي قومه فجلس فيه ، فقمت إليه فجلست معه ، فحدث قومه كما حدث عمرو بن سعيد ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعما قال له عمرو بن سعيد ، قال : قلت : يا هذا إنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فقال : " أيها الناس ، إن الله عز وجل حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام من حرام الله تعالى إلى يوم القيامة ، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما ، ولا يعضد بها شجرا ، لم تحلل لأحد كان قبلي ، ولا تحل لأحد يكون بعدي ، ولم تحلل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها ، ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس ، ألا فليبلغ [ ص: 330 ] الشاهد منكم الغائب ، فمن قال لكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاتل بها فقولوا : إن الله عز وجل قد أحلها لرسوله ولم يحللها لكم ، يا معشر خزاعة ، ارفعوا أيديكم عن القتل ، فقد كثر أن يقع ، لئن قتلتم قتيلا لأدينه ، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين ، إن شاءوا فدم قاتله وإن شاءوا فعقله " ، ثم ودى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قتلته خزاعة فقال عمرو بن سعيد لأبي شريح : انصرف أيها الشيخ ، فنحن أعلم بحرمتها منك ، إنها لا تمنع سافك دم ، ولا خالع طاعة ولا مانع خزية ، قال : فقلت : قد كنت شاهدا ، وكنت غائبا وقد بلغت ، فقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا ، وقد بلغتك فأنت وشأنك .

التالي السابق


* قوله : "غضبا على أهلها" : أي : إن الله تعالى قد غضب على أهلها; لقبيح أعمالهم من الشرك وغيره ، فأحل لي مكة حتى ينتقم منهم على يدي .

، "فقد كثر أن يقع" : أي : فقد كثر وقوعه .

* "فدم قاتله" : - بالنصب - ; أي : فليأخذوا دم قاتله ، أو بالرفع; أي : فدم قاتله لهم .

* "ولا مانع خزية" : - بكسر خاء معجمة وإعجام راء - : ما يستحيا منه ، أو من الهوان ، أو - بفتحها - للمرة; أي : من يستحق الخزي ، ومنع نفسه منه ، فالحرم لا يعيذه ، قيل : قد جاء عن عمرو بالجواب ، وأتى بكلام ظاهره حق ، ولكن أراد به الباطل ، فإن ابن الزبير لم يرتكب ما يجب عليه فيه شيء ، بل هو أولى بالخلافة من يزيد; لأنه صحابي .

* * *




الخدمات العلمية