الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
17097 7581 - (17548) - (4\170 - 171) عن يعلى بن مرة، قال: لقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، ما رآها أحد قبلي، ولا يراها أحد بعدي، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة، معها صبي لها، فقالت: يا رسول الله، هذا صبي ، أصابه بلاء، وأصابنا منه بلاء، يؤخذ في اليوم، ما أدري كم مرة، قال: " ناولينيه " فرفعته إليه، فجعلته بينه وبين واسطة الرحل، ثم فغر فاه، فنفث فيه ثلاثا، وقال: " بسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله " ثم ناولها إياه، فقال: " القينا في الرجعة في هذا المكان، فأخبرينا ما فعل " قال: فذهبنا ورجعنا، فوجدناها في ذلك المكان، معها شياه ثلاث، فقال: " ما فعل صبيك؟ " فقالت: والذي بعثك بالحق، ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم. قال: " انزل فخذ منها واحدة، ورد البقية " .

قال: وخرجنا ذات يوم إلى الجبانة، حتى إذا برزنا قال: " انظر ويحك، هل [ ص: 257 ] ترى من شيء يواريني؟ " قلت: ما أرى شيئا يواريك إلا شجرة ما أراها تواريك. قال: " فما قربها ؟ " قلت: شجرة مثلها، أو قريب منها. قال: " فاذهب إليهما، فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا بإذن الله " قال: فاجتمعتا، فبرز لحاجته، ثم رجع، فقال: " اذهب إليهما، فقل لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن ترجع كل واحدة منكما إلى مكانها " .

قال: وكنت معه جالسا ذات يوم إذ جاء جمل يخبب، حتى ضرب بجرانه بين يديه، ثم ذرفت عيناه، فقال: " ويحك، انظر لمن هذا الجمل، إن له لشأنا " قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه، فقال: " ما شأن جملك هذا؟ " فقال: وما شأنه؟ قال: لا أدري والله ما شأنه، عملنا عليه، ونضحنا عليه، حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره، ونقسم لحمه. قال: " فلا تفعل، هبه لي، أو بعنيه " فقال: بل هو لك يا رسول الله. قال: فوسمه بسمة الصدقة، ثم بعث به .


التالي السابق


* قوله : يؤخذ": على بناء المفعول، من الإخذة .

* "فرفعته" : بصيغة المؤنث، وضبطه بعضهم على صيغة المتكلم، وهو بعيد .

* قوله: "فغر": فتح .

* "اخسأ": أي: تبعد وتأخر؟ كلمة يطرد بها الكلب ونحوه .

* "القينا": - بفتح القاف - : أمر من اللقاء .

* "ما فعل؟": على بناء الفاعل، والمراد: ما جرى له؟ هل حصل له النفع أم لا؟

* "فاجترر" من الجر; أي: خذها معك، يقال: جره، واجتره بمعنى.

* "الجبانة: - بفتح الجيم وتشديد الباء - ; أي: خارج البلد، يقال [ ص: 258 ] للصحراء: جبانة، وكذا يقال للمقابر; لأنها تكون في الصحراء .

* "يواريني ": من المواراة; أي: يسترني عن أعين الناس عند قضاء الحاجة .

* "فما بقربها؟ ": أي: فأي شيء بقرب تلك الشجرة؟

* "يخبب ": بفك الإدغام، والظاهر: يخب - بالإدغام - ; أي: يجري سريعا.

* "بجرانه ": بكسر الجيم - : باطن العنق .

* "ثم ذرفت ": سالت.

* "فوسمه بسمة الصدقة": أي: أعلمه بعلامة إبل الصدقة.

* "ثم بعث به": إلى المرعى مع إبل الصدقة، وفيه معجزات عظيمة له . صلى الله عليه وسلم .

* * *




الخدمات العلمية