الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
27703 9565 - (22395) - (5 \ 278) وبه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله زوى لي الأرض أو قال: إن ربي زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك [ ص: 194 ] أمتي سيبلغ ما زوى لي منها، وإني أعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكوا بسنة بعامة، ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: " يا محمد، إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد - وقال يونس: لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك: أن لا أهلكهم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم.

ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها، أو قال: من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يسبي بعضا، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع في أمتي السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين، حتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله - عز وجل
- ".

التالي السابق


* قوله: "زوى لي الأرض": زوى؛ كرمى؛ أي: ضم زواياها، وهو يحتمل أن يكون حقيقة، ويحتمل أنه خلق له الإدراك، فيكون مجازا فإنه لما أدرك جميعها، صار كأنه جمعت له حتى رآها، والمراد من الأرض: ما سيبلغها ملك الأمة، لا كلها، يدل عليه ما بعده.

* "مشارقها": أي: البلاد الشرقية منها، وكذا " مغاربها".

* "ما زوي": - على بناء المفعول -، ويحتمل - بناء الفاعل -، والعائد محذوف.

* "وأعطيت": - على بناء المفعول -، وقد أعطاه الله تعالى مفاتيح الخزائن المفتوحة على الأمة.

* "الأحمر": أي: الذهب. [ ص: 195 ]

* "والأبيض": أي: الفضة.

* "ألا يهلكوا": - على بناء المفعول -؛ من الإهلاك، أو على - بناء الفاعل -؛ من الهلاك.

* "بسنة": بقحط.

* "بعامة": أي: بقحط يعم الكل، وهو بدل.

* "من سوى أنفسهم": أي: من غيرهم من الكفرة، وهذا مما وقع فيه "سوى" مجرورا ب: "من "، واستدل به ابن مالك على أن "سوى" تقع غير ظرف، وتجر بغير "في".

* "يستبيح بيضتهم": البيضة: الجماعة، وقيل: الدار، ومعناه في الأصل: تستبيح أصلهم، وذلك لأن البيضة أصل الحيوان الذي يبيض.

* "يسبي": من السبي.

* "وإنما أخاف": هذا كلامه صلى الله عليه وسلم.

* "المضلين": الداعين الخلق إلى البدع.

* "وإذا وضع": أي: إذا ظهرت الحرب فيهم، تبقى إلى يوم القيامة، وقد وضع السيف بقتل عثمان، فلم يزل إلى الآن.

* "كلهم": أي: كل واحد منهم.

* "حتى يأتي أمر الله": أي: الريح الذي تقبض عنده نفس كل مؤمن ومؤمنة، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية