الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
22469 9793 - (22978) - (5 \ 352) عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا وقال: "اغزوا بسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال، أو خلال، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم. ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم إن هم فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين، وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم، فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن الله، ثم قاتلهم".

التالي السابق


* قوله: "ومن معه من المسلمين": أي: أوصاه فيمن معه من المسلمين.

* "خيرا": أي: بخير، فنصبه على نزع الخافض، أي: يوصيه في حق نفسه [ ص: 352 ] بالتقوى، وإن كان فيها على النفس شدة، وفي حق الغير بالهون والرفق واللطف، لا بالشدة، مهما أمكن.

* "إذا لقيت": خطاب للأمير؛ لأن غيره تبع له.

* "أو خلال": كخصال لفظا ومعنى، وهنا شك من الراوي.

* "وكف": - بضم وتشديد -: أمر من الكف.

* "إلى الإسلام": قالوا: هذا لمن لم تبلغه الدعوة قبل، وإلا فهو مندوب لا واجب.

* "إلى التحول": أي: الهجرة.

* "ما للمهاجرين": من الثواب واستحقاق.

قال: الفيء والغنيمة وإن لم يجاهدوا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان ينفق عليهم من الفيء والغنيمة بلا جهاد، كذا قيل.

* "ما على المهاجرين": من الخروج إلى الجهاد إذا أمرهم الإمام بذلك، سواء كان بإزاء العدو من به الكفاية، أو لم يكن؛ بخلاف غير المهاجرين؛ فإنه لا يجب عليهم الخروج إذا كان بإزاء العدو من به الكفاية، كذا قيل.

ثم ظاهر الحديث أن الخصال الثلاث هي الإسلام والهجرة والجزية، ولا يخفى أنه لا مقابلة بين الهجرة والإسلام، فلذلك قيل: هي الإسلام والجزية والمقاتلة، ولا يخفى أن عد المقاتلة منها لا يناسبه قوله: "فإن أجابوك إليها، فاقبل منهم، وكف عنهم"، إلا أن يقال: ليس معنى "كف عنهم": لا تقاتلهم، بل معناه: لا تطلب منهم الثانية، وقيل: هي الإسلام مع الهجرة، والإسلام بدونها والجزية.

* * *




الخدمات العلمية