الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2021 1167 - (2020) - (1 \ 228) سمعت ابن عباس : أن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "ممن الوفد ؟ - أو قال : القوم - " ، قالوا : ربيعة . قال : "مرحبا بالوفد - أو قال : القوم - غير خزايا ولا ندامى " ، قالوا : يا رسول الله ! أتيناك من شقة بعيدة ، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر ، ولسنا نستطيع أن نأتي إلا في شهر حرام ، فأخبرنا بأمر ندخل به الجنة ، ونخبر به من وراءنا . وسألوه عن أشربة ، فأمرهم بأربع ، ونهاهم عن أربع : أمرهم بالإيمان بالله ، قال : "أتدرون ما الإيمان بالله ؟ " ، قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : "شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وأن تعطوا الخمس من المغنم " . ونهاهم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت -

[ ص: 328 ] قال : وربما قال : والمقير - قال : "احفظوهن ، وأخبروا بهن من وراءكم " .


التالي السابق


* قوله : "ممن الوفد " : هكذا في "المسند " ، و"ربيعة" على هذا ينبغي أن يكون منصوبا بتقدير : من ربيعة ، أو مجرورا إن جوز الجر بعد نزع الخافض . وفي مسلم : "من الوفد ؟" بدون "من" الجارة .

* قوله : "مرحبا " : - منصوب - بتقدير : صادفت رحبا ; أي : سعة ، وهذا من حسن اللقاء .

* قوله : "غير خزايا " : - منصوب - على أنه حال ، والخزايا جمع خزيان ; كحيران وحيارى ، وهو المستحيي ، وقيل : المهان الذليل ، والندامى جمع ندمان بمعنى : نادم ، وقيل : جمع نادم ، وكأن الأصل نادمين ، لكن جعل ندامى مشاكلة لخزايا ، قيل : والمقصود : أنه لم يكن منكم تأخر عن الإسلام ، ولا عناد بسببه تستحيون أو تندمون .

* "شقة " : - بضم شين أو كسرها - : السفر ، أو المسافة .

* "ندخل به " : بالعمل به ، والجملة صفة "أمر " ، ويمكن جزم الفعل على أنه جواب الأمر ، ولا يخلو عن بعد .

* "من وراءنا " : "من" موصولة .

* "أمرهم بالإيمان " : ظاهره أن هذا هو الأمر بالأربع بناء على اشتمال الإيمان عليها ، وما ذكره من الشهادة وإقام الصلاة ، فكله داخل في تفسير الإيمان ، ويمكن أن يكون قوله : "إقام الصلاة" عطفا على الإيمان ، ويكون تفسير الإيمان : الشهادة فقط ، وعلى التقديرين قوله : "وأن تعطوا الخمس" يكون خامسا ، فينبغي أن يعطف على أربع ، على معنى : أمرهم عموما بأربع ، وأمر

[ ص: 329 ] الغزاة منهم بأن يعطوا ، ولهذا المعنى لم يعد من الأربع ، وفصل منها .

ولك أن تقول : الإيمان بالله واحد من الأربعة ، وإقام الصلاة وغيره داخل في تفسيره ، "وأن تعطوا" عطف عليه ، والمذكور اثنان من أربعة ، وترك اثنين باقيين اختصار من بعض الرواة ، والله تعالى أعلم .

والمراد : الدباء : الوعاء المتخذ منه ، والحنتم : الجرار الخضر ، والنقير : جذع ينقر وسطه ، والمزفت : المطلي بالزفت ، ويقال له : المقير .

* * *




الخدمات العلمية