الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2479 [ ص: 502 ] 1484 - (2483) - (1 \ 274) عن ابن عباس ، قال : أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا أبا القاسم ! إنا نسألك عن خمسة أشياء ، فإن أنبأتنا بهن ، عرفنا أنك نبي ، واتبعناك ، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه ، إذ قالوا : الله على ما نقول وكيل قال : "هاتوا " ، قالوا : أخبرنا عن علامة النبي ، قال : " تنام عيناه ، ولا ينام قلبه " ، قالوا : أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر ؟ قال : "يلتقي الماءان ، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة ، أذكرت ، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل ، آنثت " ، قالوا : أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه ; قال : "كان يشتكي عرق النسا ، فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا وكذا - قال أبي : قال بعضهم : يعني : الإبل - ، فحرم لحومها " ، قالوا : صدقت . قالوا : أخبرنا ما هذا الرعد ؟ قال : "ملك من ملائكة الله - عز وجل - موكل بالسحاب ، بيده - أو في يده - مخراق من نار ، يزجر به السحاب ، يسوقه حيث أمر الله " ، قالوا : فما هذا الصوت الذي نسمع ؟ قال : "صوته " ، قالوا : صدقت ، إنما بقيت واحدة وهي التي نبايعك إن أخبرتنا بها ، فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر ، فأخبرنا من صاحبك ; قال صلى الله عليه وسلم " جبريل - عليه السلام - " ، قالوا : جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا ، لو قلت : ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر ، لكان ، فأنزل الله - عز وجل - : من كان عدوا لجبريل إلى آخر الآية [البقرة : 97] .

التالي السابق


* قوله : "قال : تنام عيناه " : هذه علامة في الجملة ، وإلا فقد توجد في غير النبي أيضا كما وجدت في ابن الصياد ، أو المراد : أنها علامة إذا وجدت في أهل النبوة ، وأما إذا وجدت فيمن لا يصلح للنبوة ظاهرا ، فلا ، والله تعالى أعلم .

* "كيف تؤنث " : من آنثت المرأة - بالمد - إيناثا : إذا ولدت أنثى .

* "وتذكر " : من أذكرت : إذا ولدت ذكرا .

* "عرق النسا " : في "النهاية " : بوزن العصا : عرق يخرج من الورك ،

[ ص: 503 ] فيستبطن الفخذ ، والأفصح أن يقال له : النسا ، لا عرق النسا .

وقال الموفق عبد اللطيف : في هذا الحديث رد على من أنكر ذلك ; فإن أهل اللغة منعوا أن يقال : عرق النسا ; لأن النسا هو العرق نفسه ، فتكون إضافة الشيء إلى نفسه .

* "يلائمه " : أي : طبعا ; بأن يكون محبوبا عنده .

* "إلا ألبان كذا وكذا " : كأن "كذا " الثاني عبارة عن اللحوم .

* "فحرم لحومها " : أي : وألبانها ; أي : نذر أنها حرام إن شفاه الله كما تقدم .

* "مخراق " : - بكسر ميم وإعجام خاء - : المنديل يلف ليضرب به .

* * *




الخدمات العلمية