الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6456 2942 - (6492) - (2 \ 160) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم " المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم وما ولوا ".

التالي السابق


* قوله: "عند الله يوم القيامة": الظاهر أن الظرفين متعلقان بقوله: "على منابر": وهو الخبر.

وقال الطيبي: "عند الله": خبر، بتقدير: مقربون عند الله، و"على منابر": يجوز أن يكون خبرا بعد خبر، أو حالا من الضمير المستقر في الظرف، انتهى.

[ ص: 295 ] * "من نور": قد سبق: "من لؤلؤ" فيحمل النور هاهنا على لؤلؤ منور مضيء كأنه عين النور؛ توفيقا بين الروايات، وبه اندفع أن النور عادة لا يصلح للجلوس عليه، فكيف يتخذ منه المنابر؟! ثم الجار والمجرور صفة لمنابر مخصصة مبينة لحقيقة تلك المنابر.

* "عن يمين الرحمن": قيل: المراد منه: كرامتهم عند الله، وقرب محلهم، وعلو منزلتهم؛ لأن من عظم قدره في الناس يقعد في يمين الملك.

* "وكلتا يديه يمين": تنزيه له تعالى عما يسبق إلى فهم القاصرين من مقابلة اليمين باليسار أن له يسارا، مع أنه لا يجوز إثبات ذلك له، فإن الشمال ضعيف بالنسبة إلى اليمين، فلو كان لله يمين وشمال، لكان ذا قوة وضعف، وهو تعالى منزه عن الضعف، بل له القدرة الكاملة، وكلتا يديه من غير نقص يمين، وما جاء من ذكر اليمين واليد والإصبع وغيرها من صفات الله لا نؤوله، بل نؤمن به، ونقول: هو صفة من صفات الله، ولا نعلم كيفيتها، كذا ذكره الخطابي.

* "الذين يعدلون": تفسير للمقسطين بتقدير: هم الذين يعدلون، وقيل: يحتمل أن يكون صفة كاشفة للمقسطين، أو بدلا أو بيانا له.

* "في حكمهم": أي: فيما تقلدوه من خلافة أو إمارة أو قضاء.

* "وأهليهم": أي: فيما يلزمهم من حقوق عيالهم.

* "وما ولوا": المشهور - بالواو وضم اللام المخففة - أي: وفيما لهم عليه ولاية؛ أي: فيما تحت أيديهم من يتيم أو مملوك، وجوز كونه من التولية على بناء المفعول، وقد سبق بعض ما يتعلق بهذا الحديث قريبا، فلا نعيد، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية