الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6690 3138 - (6729) - (2 \ 184) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وجاءته وفود هوازن، فقالوا: يا محمد إنا أصل وعشيرة، فمن علينا، من الله عليك، فإنه قد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فقال: " اختاروا بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم "، قالوا: خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، نختار أبناءنا، فقال: " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب، فهو لكم، فإذا صليت الظهر، فقولوا: إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم على المؤمنين، وبالمؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسائنا وأبنائنا " قال: ففعلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب، فهو لكم "، وقال المهاجرون: وما كان لنا، فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت الأنصار مثل ذلك، وقال عيينة بن بدر: أما ما كان لي ولبني فزارة، فلا، وقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم، فلا، وقال عباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم، فلا، فقالت الحيان: كذبت، بل هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس، ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ، فمن تمسك بشيء من الفيء، فله علينا ستة فرائض من أول [ ص: 432 ] شيء يفيئه الله علينا " ثم ركب راحلته، وتعلق به الناس، يقولون: اقسم علينا فيئنا بيننا، حتى ألجئوه إلى سمرة فخطفت رداءه، فقال: " يا أيها الناس، ردوا علي ردائي، فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعم لقسمته بينكم، ثم لا تلفوني بخيلا ولا جبانا ولا كذوبا " ثم دنا من بعيره فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصابعه السبابة والوسطى، ثم رفعها، فقال: " يا أيها الناس، ليس لي من هذا الفيء هؤلاء هذه ، إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فردوا الخياط والمخيط، فإن الغلول يكون على أهله يوم القيامة، عارا ونارا وشنارا " فقام رجل معه كبة من شعر، فقال: إني أخذت هذه أصلح بها بردعة بعير لي دبر، قال: " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب، فهو لك " فقال الرجل: يا رسول الله، أما إذ بلغت ما أرى فلا أرب لي بها ، ونبذها.

التالي السابق


* قوله: "وفود هوازن": طوائف من هوازن، وهم الذين حاربوا يوم حنين، ثم هزمهم الله، فصارت أموالهم وأولادهم غنيمة للمسلمين، فجاؤوا مسلمين، وطلبوا ذلك.

* "أصل": أي: قبيلة عظيمة من قبائل العرب.

* "فمن علينا" - بضم الميم - .

* "بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم": هكذا في الأصول، والظاهر أن قوله: "وأبنائكم" عطف على "نسائكم" أي: بين نسائكم وأبنائكم وبين أموالكم، فالوجه أن يكون في جنبه، لكنه وقع في غير محله من بعض الرواة.

* "نختار أبناءنا": أي: ونساءنا.

* "أما ما كان لي": أي: ما وقع في سهمي من نسائكم وأبنائكم.

* "ففعلوا، فقال": أي: ليعرف الناس أنه رد عليهم حقه وحق أقاربه صلى الله عليه وسلم.

[ ص: 433 ] * "وقال عيينة. . . إلخ": هؤلاء كانوا من ضعفاء المؤمنين، ومؤلفة القلوب، فما هان عليهم ذلك.

* "فقالت الحيان": الظاهر أن المراد بالحيين: بنو تميم، وبنو سليم؛ أي: كل حي منهما لرئيسهم: كذبت.

* "فمن تمسك بشيء": أي: أراد ألا يعطيه بلا عوض؛ أي: فليعطه، وعلينا في كل رقبة.

* "ست فرائض": أي: ست نوق، والفريضة: الناقة.

* "من أول ما يفيئه الله": قيل: يريد الخمس الذي جعله الله تعالى من الفيء.

* "حتى ألجؤوه": من الإلجاء.

* "فخطفت": أي: أخذت السمرة؛ أي: تعلق بها الرداء.

* "وبرة": - بفتحتين - : شعرة.

* "من سنامه": - بفتح السين - : ما ارتفع من ظهر الجمل.

* "هؤلاء": أي: يا هؤلاء! تأكيد للنداء.

* "الخياط": - بالكسر - : الإبرة، وكذا "المخيط" فيحمل أحدهما على الكبيرة، فيندفع التكرار.

* "وشنارا": - بفتح وتخفيف - : أقبح العيب.

* "كبة": - بضم فتشديد - : شعر ملفوف بعضه على بعض.

* "بردعة": - بفتح باء موحدة وسكون مهملة وفتح معجمة أو مهملة، وجهان - : هي الحلس، وهي - بالكسر - : كساء يلقى تحت الرحل على ظهر البعير.

[ ص: 434 ] * "دبر": كفرح؛ من الدبر - بفتحتين - بمعنى: القرحة.

* "أما ما كان لي": أي: من الكبة.

* "بلغت": أي: الكبة.

* "فلا أرب": - بفتحتين - أي: فلا حاجة.

وفي "المجمع": قلت: رواه أبو داود باختصار كثير، رواه أحمد، ورجال أحد إسناديه ثقات.

* * *




الخدمات العلمية