الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6851 3209 - (6890) - (2 \ 203) عن الفرزدق بن حنان القاص ، قال: - ألا أحدثكم حديثا سمعته أذناي ووعاه قلبي، لم أنسه بعد؟ - خرجت أنا وعبيد الله بن حيدة في [ ص: 477 ] طريق الشام، فمررنا بعبد الله بن عمرو بن العاص، - فذكر الحديث - فقال: جاء رجل من قومكما، أعرابي جاف جريء، فقال: يا رسول الله، أين الهجرة، إليك حيثما كنت، أم إلى أرض معلومة، أو لقوم خاصة، أم إذا مت انقطعت؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة، ثم قال: " أين السائل عن الهجرة؟ " قال: ها أنا ذا يا رسول الله، قال: " إذا أقمت الصلاة وآتيت الزكاة فأنت مهاجر، وإن مت بالحضرمة " - قال: يعني أرضا باليمامة - قال: ثم قام رجل، فقال: يا رسول الله، أرأيت ثياب أهل الجنة، أتنسج نسجا، أم تشقق عنه ثمر الجنة؟ قال: فكأن القوم تعجبوا من مسألة الأعرابي فقال: " ما تعجبون من جاهل يسأل عالما؟ " قال: فسكت هنية، ثم قال: " أين السائل عن ثياب الجنة؟ "، قال: أنا، قال : " لا، بل تشقق عن ثمر الجنة ".

التالي السابق


* قوله: "جريء": أي: على الكلام؛ من الجرأة.

* "إذا أقمت. . . إلخ": أي: المقصود من الهجرة هو إقامة دين الإسلام وحفظه، فإذا حصل حصلت الهجرة معنى، وكأن الكلام بعد فتح مكة؛ لأن صحبة عبد الله بن عمرو كانت بعد الفتح، وقد سقط يومئذ افتراض الهجرة، فلذلك ذكر له كلاما ينفعه، فالجواب من أسلوب الحكيم.

* "ثم قام رجل": وفي رواية البزار: "قام آخر".

* "فكأن القوم تعجبوا": وفي رواية البزار: فضحك بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مم تضحكون؟ من جاهل يسأل عالما".

وعن جابر: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ثيابنا في الجنة ننسجها بأيدينا؟ فضحك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الأعرابي: لم تضحكون من جاهل أو [ ص: 478 ] جاف يسأل عالما؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "صدقت يا أعرابي، ولكنها ثمرات" رواه أبو يعلى، والبزار، وبهذا ظهر أن قول عبد الله: فقال؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم "ما تعجبون. . . إلخ" مبني على أنه صدق الأعرابي، فكأنه قال ذلك.

* "بل تشقق عن ثمر الجنة": قد جاء أن طوبى شجرة في الجنة تخرج منها ثياب أهل الجنة، والله تعالى أعلم.

وفي "المجمع": وفي رواية: "الهجرة أن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، ثم أنت مهاجر، وإن مت بالحضرمة" رواه أحمد، والبزار، وأحد إسنادي أحمد حسن، ورواه الطبراني، انتهى.

قلت: وذكر الحسيني أن الفرزدق مجهول، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية