الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7142 3364 - (7182) - (2 \ 233) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود يولد، إلا نخسه الشيطان، فيستهل صارخا من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم وأمه". ثم قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم [آل عمران: 36].

التالي السابق


* قوله: " إلا نخسه الشيطان ": أي: طعنه، والمراد: أنه يصيبه بما يؤذيه ويؤلمه حقيقة، ولذلك يبكي، لا كما زعمت المعتزلة أن ذلك تخييل وتصوير لطمعه فيه; كأنه يطعنه ويضرب بيده عليه ويقول: هذا ممن أغواه .

* " فيستهل ": أي: يرفع صوته .

* " صارخا ": أي: باكيا .

* " إلا ابن مريم ": - بالنصب على الاستثناء - ; أي: يطعن كل مولود وقت ولادته، إلا عيسى وأمه، واستثناء عيسى وهو نبي يدل على عموم الكلام السابق للأنبياء أيضا، فقول القاضي بعموم ذلك جميع الأنبياء بعيد ، وهذا لا ينافي فضل غيرهما عليهما; لأن اختصاص المفضول بفضيلة جزئية لا يضر في الفضل، ثم يمكن أن يحمل قول من قال: [ ص: 79 ] لما تؤذن الدنيا به من صروفها يكون بكاء الطفل ساعة يولد وإلا فما يبكيـه منها وإنـها لأوسع مما كان فيه وأرغد على هذا الحديث; لأن الشيطان من أعظم فتنة الدنيا .

* " واقرؤوا إن شئتم ": كأنه مبني على أنه تعالى قد علم أنها تدعو لهما، وأنه تعالى يستجيب دعاءها، فحفظ مريم من طعن الشيطان قبل ذلك. وبالجملة: فالدعاء قد سبق من الشيطان، إما لحفظ الله تعالى إياها إلى أن دعت الأم، أو لأمر آخر، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية