الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7153 [ ص: 84 ] 3373 - (7193) - (2 \ 234) عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يتركون المدينة على خير ما كانت عليه، لا يغشاها إلا العوافي - قال: يريد: عوافي السباع والطير - ، وآخر من يحشر راعيان من مزينة، ينعقان بغنمهما، فيجدانها وحوشا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع، حشرا على وجوههما - أو: خرا على وجوههما - ".

التالي السابق


* قوله: " يتركون ": بالغيبة; أي: الناس، أو بالخطاب لأهل المدينة، لا بأعيانهم. قال الحافظ ابن حجر: الأكثر على الخطاب .

* " على خير ما كانت ": من العمارة، وكثرة الأشجار والأثمار، وحسنهما. قال القسطلاني: في "أخبار المدينة" لعمر بن شبة: إن ابن عمر أنكر على أبي هريرة قوله: "خير ما كانت"، وقال: إنما قال صلى الله عليه وسلم: "أعمر ما كانت"، وإن أبا هريرة صدقه على ذلك .

* " لا يغشاها ": - بالغين المعجمة - ; أي: لا يسكنها .

* " إلا العواف ": جاء بحذف الياء وإثباتها، جمع عافية، وهي ما يطلب القوت من السباع والطيور، ولعل المقصود بالبيان: الإخبار عن دوام الخير في المدينة إلى آخر أمرها. قيل: هكذا قد جرى في بعض الأعصار الأول، وانقضى، وقد تركت المدينة على أحسن ما كانت حين انتقلت الخلافة منها إلى الشام، وذلك خير ما كانت للدين; لكثرة العلماء بها، وللدنيا; لعمارتها واتساع حال أهلها. [ ص: 85 ] وقال النووي: المختار أن هذا الترك يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة، ويوضحه قصة الراعيين .

* " وآخر من يحشر ": على بناء المفعول; أي: يساق إليها كما تدل عليه رواية مسلم، أو منها; فإنهما يخرجان منها بعد أن يجداها محلا للوحوش كما يدل عليه ظاهر لفظ الحديث .

* " من مزينة ": - بضم الميم وفتح الزاي - : اسم قبيلة .

* " ينعقان ": - بكسر العين المهملة - ؟ أي: يصيحان .

* " فيجداها ": من حذف النون لمجرد التخفيف، وفي "صحيح البخاري ": "فيجدانها" بإثباتها على الأصل; أي: يجدان المدينة .

* " وحوشا ": بالجمع; أي: ذات وحوش .

* " حتى إذا بلغا ": فخرجا منها حتى إذا بلغا .

* " ثنية الوداع ": موضع بالمدينة من جهة الشام .

* " حشرا ": أي: أميتا .

* * *




الخدمات العلمية