الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7933 3909 - (7993) - (2 300) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أتى المقبرة، فسلم على أهل المقبرة، فقال: " سلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"، ثم قال: "وددت أنا قد رأينا إخواننا"، قال: فقالوا: يا رسول الله! ألسنا بإخوانك؟ قال: "بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض"، فقالوا: يا رسول الله! كيف تعرف من لم يأت من أمتك بعد; قال: "أرأيت لو أن رجلا كانت له خيل غر محجلة بين ظهراني خيل بهم دهم، ألم يكن يعرفها؟"، قالوا: بلى، قال: "فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض"، ثم قال: "ألا ليذادن رجال منكم عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم، فيقال: إنهم بدلوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا".

التالي السابق


* قوله: " أتى المقبرة ": - بتثليث الباء، والكسر قليل - .

* " دار قوم ": - بالنصب - على الاختصاص، أو النداء، أو - بالجر - على البدل من ضمير "عليكم "، والمراد: أهل الدار تجوزا، أو بتقدير مضاف .

* " إن شاء الله ": قاله تبركا وعملا بقوله: ولا تقولن لشيء [ الكهف: 23 ] [ ص: 397 ] الآية، أو لأن المراد: الدفن في تلك المقبرة، أو الموت على الإيمان، وهو مما يحتاج إلى قيد المشيئة بالنظر إلى الجميع .

* " وددت ": قال الطيبي: فإن قلت: فأي اتصال لهذا الوداد بذكر أصحاب القبور; قلت: عند تصور السابقين يتصور اللاحقون، أو كوشف له صلى الله عليه وسلم عالم الأرواح، فشاهد الأرواح المجندة السابقين منهم واللاحقين .

* " رأينا ": أي: في الدنيا .

* " بل أنتم أصحابي ": ليس نفيا لأخوتهم، ولكن ذكره مزية لهم بالصحبة على الأخوة، فهم إخوة وصحابة، واللاحقون إخوة فحسب، قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة [الحجرات: 10 ] .

* " وإخواني ": أي: المراد بإخواننا، أو الذين لهم أخوة فقط .

* " وأنا فرطهم ": - بفتحتين - ; أي: أنا أتقدمهم على الحوض أهيئ لهمما يحتاجون إليه .

* " كيف تعرف ": أي: يوم القيامة; كأنهم فهموا من تمني الرؤية وتسميتهم باسم الإخوة دون الصحبة أنه لا يراهم في الدنيا، فإنما يتمنى عادة ما لم يكن حصوله، ولو حصل اللقاء في الدنيا، لكانوا صحابة، وفهموا من قوله: "أنا فرطهم" أنه يعرفهم في الآخرة، فسألوا عن كيفية ذلك .

* " أرأيت ": أي: أخبرني، والخطاب مع كل من يصلح له من الحاضرين والسائلين .

* " غر ": بضم فتشديد - : جمع الأغر، وهو الأبيض الوجه .

* " محجلة ": اسم مفعول من التحجيل، والمحجل من الدواب: التي قوائمها بيض .

* " بهم ": - بضم فسكون - ، وكذا " دهم "، والمراد: سود، والثاني تأكيد للأول. [ ص: 398 ] *" غرا. . . إلخ ": أي: وسائر الناس ليسوا كذلك، إما لاختصاص الوضوء بهذه الأمة من بين الأمم، وحديث: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي" إن صح لا يدل على وجود الوضوء في سائر الأمم، بل في الأنبياء، أو لاختصاص الغرة والتحجيل. " وأنا فرطهم ": ذكره تأكيدا له .

* " ألا ": بالتخفيف .

* " بدلوا ": أي: الدين، أو السنة، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية