الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
8613 4374 - (8831) - (2\370) عن أبي هريرة، قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم. فقال: واللات والعزى! يمينا يحلف بها، لئن رأيته يفعل ذلك، لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه في التراب.

[ ص: 131 ]

قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقالوا له: ما لك؟ قال: إن بيني وبينه لخندقا من نار، وهولا وأجنحة. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو دنا مني، لخطفته الملائكة عضوا عضوا ".


قال: فأنزل - لا أدري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه - كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ، يعني: أبا جهل، ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه ، قال: يدعو قومه: سندع الزبانية ، قال: يعني: الملائكة، كلا لا تطعه واسجد واقترب [ العلق: 6 - 19 ].

التالي السابق


* قوله : "هل يعفر": من التعفير، وهو التمريغ في التراب.

و"الترتيب" فيه: يريد الصلاة على الأرض، وسجوده على التراب. قيل: عبر عن السجود بذلك؛ تعنتا وعنادا، إذلالا وتحقيرا.

* "يمينا"؛ أي: يريد يمينا.

* "ولأعفرن"؛ في "المجمع": يريد إذلاله - لعنه الله - .

* "فأتى": على بناء الفاعل.

* "زعم": حال من فاعل "أتى" بعد حال من مفعوله؛ أي: طمع وأراد، واستعمال زعم بمعنى أراد وطمع مجاز، ذكره في "أساس البلاغة"، كما ذكره الطيبي.

* "ليطأ": قيل: بكسر اللام ونصب الفعل - بتقدير "أن" مثل: يريد الله ليبين لكم [ النساء : 26 ] ، أو بفتحها ورفع الفعل.

* "فجئهم": كعلم، وفاعله مقدر؛ أي: شيء؛ بإقامة صفته مقامه، أعني:

[ ص: 132 ]

منه، وحذف الموصوف بإقامة صفته مقامه كثير، ومنه قوله تعالى: ومنا دون ذلك [ الجن: 11].

* "ينكص": كيضرب، أو ينصر؛ أي: يرجع القهقرى، وقيل في إعراب هذا الكلام: إن قوله: "إلا وهو ينكص" حال سد مسد الفاعل كما سد مسد الخبر في حديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، والمعنى: ما فجئ أصحاب أبي جهل من أبي جهل إلا نكوص عقبيه، ويحتمل أن ضمير "فجيء" لأبي جهل، وضمير " منه" للأمر؛ أي: فما فجئ أبو جهل أصحابه فجأة كائنة من أمره في حال إلا في حال نكوصه على عقبيه.

* "لخندقا "؛ بفتح الخاء والدال: ما يحفر حول مدينة.

* "وهول"؛ أي: خوف، والهول: المخافة من أمر لا يدري ما هجم عليه منه، و"أجنحة": هي الملائكة.

* "لخطفته"؛ أي: أخذته وسلته بسرعة.

* * *




الخدمات العلمية