الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
10604 4750 - (10987) - (3\2) عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع يوم القيامة ولا فخر".

التالي السابق


* قوله : "أنا سيد ولد آدم"؛ قيل: السيد: هو الذي يفوق قومه في الخير، وقيل: هو الذي يفزع إليه في النوائب والشدائد، فيقوم بأمورهم، ويتحمل عنهم مكارههم، ويدفعها عنهم.

وفي "المجمع": السيد يطلق على: الرب، والمالك، والشريف، والفاضل، والكريم، والحليم، ومتحمل أذى قومه، والزوج، والرئيس، والمقدم. و"الولد" - بفتحتين - يطلق على الواحد والجمع، والثاني هو المراد، وجاء في "المجمع": "ولد" - بضم فسكون؛ كأسد في جمع أسد، والمشهور في الحديث - بفتحتين - ، ويحتمل أن يكون بضم فسكون، والمراد: نوع الإنسان؛ ليشمل آدم، أو بنو آدم، ولا نشك أن فيهم من هو أفضل من آدم، فيلزم من كونه سيد ولد آدم أنه أفضل من آدم أيضا، والتقييد بيوم القيامة؛ لظهور سيادته هناك بلا منازع، وأما ها هنا، فقد نازعه ملوك الكفار، فهو مثل قوله: لمن الملك اليوم لله الواحد القهار [غافر: 16].

والحديث يدل على أنه صلى الله عليه وسلم أفضل الآدميين كما سبق بيانه، والآدمي أفضل من الملك عند أهل السنة، فيلزم عندهم أنه صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، ولعله صلى الله عليه وسلم قال

[ ص: 329 ]

ذلك إما لأنه أوحي إليه أن يقول؛ ليعرف الأمة قدره صلى الله عليه وسلم، ليكون إيمانهم به على حسبه، أو لأنه قصد به التحديث بالنعمة، فلا ينافي حديث: "لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير"؛ لأن المراد هناك ليس له أن يقول افتخارا ونحوه، ولهذا أتبعه بقوله: "ولا فخر"؛ أي: إن هذه الفضيلة التي نلتها كرامة من الله تعالى لم أنلها من قبل نفسي، ولا بلغتها بقوتي، فليس لي أن أفتخر بها، وعلى هذا فمعنى "لا فخر"؛ أي: لا يليق بي ذلك، أو ما قلت ذلك افتخارا، فالجملة لدفع توهم أنه قاله افتخارا، وقيل: هي حال بتقدير: أقول هذا ولا فخر، والفخر دعاء العظم والمباهاة بالأشياء.

* "أول من تنشق عنه الأرض": كناية عن كونه أول من يبعث.

* * *




الخدمات العلمية