الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1874 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فصدع الناس صدعين ، فصلت طائفة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة تجاه العدو ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن خلفه ركعة وسجد بهم سجدتين ، ثم قام وقاموا معه فلما استووا قياما رجع الذين خلفه وراءهم القهقرى فقاموا وراء الذين بإزاء العدو .

                                                        وجاء الآخرون فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا لأنفسهم ركعة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم ، ثم قاموا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم أخرى ، فكانت لهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان .

                                                        [ ص: 315 ] وجاء الذين بإزاء العدو فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين ، ثم جلسوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم بهم جميعا
                                                        .

                                                        ففي هذا الحديث تحول الإمام إلى العدو ، وبالطائفة التي صلت معه الركعة ، وليس ذلك في شيء من الآثار غير هذا الحديث .

                                                        وفي كتاب الله - عز وجل - ما يدل على دفع ذلك ؛ لأن الله عز وجل قال : فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك .

                                                        ففي هذه الآية معنيان موجبان لدفع هذا الحديث ، أحدهما :

                                                        قوله : لم يصلوا فليصلوا معك فهذا يدل على أن دخولهم في الصلاة إنما هو في حين مجيئهم لا قبل ذلك ، وقوله : فلتقم طائفة منهم معك .

                                                        ثم قال : ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك فذكر الإتيان للطائفتين إلى الإمام .

                                                        وقد وافق ذلك من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الآثار المتواترة التي بدأنا بذكرها ، فهي أولى من هذا الحديث .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية