الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1882 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن سليمان اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة في الخوف ، أي يوم أنزل وأين هو ؟

                                                        قال انطلقنا نتلقى عير قريش آتية من الشام ، حتى إذا كنا بنخل ، جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنت محمد ؟ قال : نعم . قال : ألا تخافني ؟ قال : لا . قال : فمن يمنعك مني ؟ قال : الله يمنعني منك . قال : فسل السيف ، قال : فتهدده القوم وأوعدوه . فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل وأخذوا السلاح ثم نودي بالصلاة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم ، وطائفة أخرى يحرسونهم . فصلى بالذين يلونه ركعتين ثم سلم ، ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم ، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين ، والآخرون يحرسونهم ثم سلم . فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات ، وللقوم ركعتان ركعتان . ففي يومئذ أنزل الله - عز وجل - إقصار الصلاة ، وأمر المؤمنين بأخذ السلاح
                                                        .

                                                        ففي هذا الحديث ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم أربعا يومئذ ، قبل إنزال الله عليه في قصر الصلاة ما أنزل عليه ، وأن قصر الصلاة إنما أمره الله - تعالى - به بعد ذلك . فكانت الأربع يومئذ مفروضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المؤتمون به فرضهم أيضا فيها كذلك ؛ لأن حكمهم حينئذ كان في سفرهم كحكمهم في حضرهم ، ولا بد إذا كان ذلك كذلك من أن يكون كل طائفة من هاتين الطائفتين قد قضت ركعتين ركعتين ، كما تفعل لو كانت في الحضر .

                                                        فإن قال قائل : ففي هذا الحديث ما يدل على خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بعد فراغه من الركعتين اللتين صلاهما بالطائفة الأولى واستقباله الصلاة في وقت دخول الطائفة الثانية معه فيها ؛ لأن في الحديث : ( ثم سلم ) .

                                                        [ ص: 318 ] قيل له : قد يحتمل أن يكون ذلك السلام المذكور في هذا الموضع ، هو سلام التشهد الذي لا يراد به قطع الصلاة . ويحتمل أن يكون سلاما أراد به إعلام الطائفة الأولى بأوان انصرافها .

                                                        والكلام حينئذ مباح له في الصلاة غير قاطع لها على ما قد روي في ذلك ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وعن أبي سعيد الخدري ، وعن زيد بن أرقم على ما قد روينا عن كل واحد منهم في الباب الذي ذكرنا فيه وجوه حديث ذي اليدين في غير هذا الموضع من هذا الكتاب . وقد روي عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلاها على غير هذا المعنى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية