الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1885 - حدثنا أبو بكرة قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلاها فذكر نحوا من هذا وكان ابن أبي ليلى ممن ذهب إلى هذا الحديث . وتركه أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن ؛ لأن الله - عز وجل - قال : ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك . وفي هذا الحديث أنهم صلوا جميعا .

                                                        وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وعبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما . وفي حديث حذيفة وزيد بن ثابت دخول الطائفة الثانية في الركعة الثانية لم يكونوا صلوا قبل ذلك ، فالقرآن يدل على ما جاءت به الرواية عنهم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فكانت عنده أولى من حديث أبي عياش ، وجابر ، هذين . وذهب أبو يوسف إلى أن العدو إذا كان في القبلة ، فالصلاة كما روى أبو عياش وجابر رضي الله عنهما .

                                                        وإن كانوا في غير القبلة ، فالصلاة كما روى ابن عمر رضي الله عنه وحذيفة ، وزيد بن ثابت ؛ لأن في حديث أبي عياش أنهم كانوا في القبلة ، وحديث ابن عمر ، وحذيفة ، وزيد ، لم يذكر فيه شيء من ذلك إلا أنه قد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه في ذلك ما يوافق ما رووا ، وقال : كان العدو في غير القبلة .

                                                        قال أبو يوسف رحمه الله : فأصحح الحديثين فأجعل حديث ابن مسعود رضي الله عنه وما وافقه إذا كان العدو في غير القبلة ، وحديث أبي عياش ، وجابر ، إذا كان العدو في القبلة .

                                                        وليس هذا بخلاف التنزيل - عندنا - لأنه قد يجوز أن يكون قوله : ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك إذا كان العدو في غير القبلة .

                                                        ثم أوحى الله إليه بعد ذلك كيف حكم الصلاة إذا كانوا في القبلة ففعل الفعلين جميعا كما جاء الخبران .

                                                        وهذا أصح الأقاويل عندنا في ذلك وأولاها ؛ لأن تصحيح الآثار يشهد له ، وقد دل على ذلك أيضا أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قد روي عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف ما قد ذكرنا في أول هذا الباب مما رواه عنه عبيد الله بن عبد الله من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد فكان ذلك موافقا لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وعبد الله بن عمر ، وحذيفة ، وزيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية