الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1886 - ثم روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه في ذلك من رأيه ما حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا عبد الله [ ص: 320 ] بن محمد بن صالح الهاشمي أبو بكر قال : ثنا عبد الله بن لهيعة ، عن الأعرج ، أنه سمع عبد الله بن عبيد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول في صلاة الخوف فذكر مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي عياش وحديث جابر بن عبد الله الذي وافقه .

                                                        فلما كان ابن عباس رضي الله عنهما قد علم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علم على ما روينا عنه في حديث عبيد الله ، وقال : كان المشركون بينه وبين القبلة ، ثم قال هذا برأيه : استحال أن يكون يصلون هكذا والعدو في غير القبلة ، ويصلون إذا كان العدو في القبلة . كما روى عنه عبيد . لأنهم إذا كانوا لا يستدبرون القبلة والعدو في ظهورهم ، كان أحرى أن لا يستدبروها إذا كانوا في وجوههم . ولكن ما ذكرنا عنه من ترك الاستدبار هو إذا كان العدو في القبلة .

                                                        ويحتمل أن يكون أيضا كذلك إذا كان العدو أيضا في غير القبلة ، كما قال ابن أبي ليلى . فقد أحاط علمنا بقوله بخلاف ما روى عنه عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان العدو في القبلة . ولم يكن ليقول ذلك إلا بعد ثبوت نسخ ذلك عنده إذا كان العدو في غير القبلة فجعلنا هذا الذي رويناه عنه من قوله هو في العدو إذا كانوا في القبلة ، وتركنا حكم العدو إذا كانوا في غير القبلة على مثل ما روى عنه عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                        وقد كان أبو يوسف رحمه الله قال مرة : لا يصلى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن الناس إنما صلوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صلوها لفضل الصلاة معه ، وهذا القول - عندنا - ليس بشيء ؛ لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد صلوها بعده ، قد صلاها حذيفة بطبرستان ، وما في ذلك فأشهر من أن يحتاج إلى أن نذكره هاهنا .

                                                        فإن احتج في ذلك بقوله : وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية ، فقال : إنما أمر بذلك إذا كان فيهم ، فإذا لم يكن فيهم ، انقطع ما أمر به من ذلك .

                                                        قيل له : فقد قال - عز وجل - : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم الآية ، فكان الخطاب هاهنا له ، وقد أجمع أن ذلك كان معمولا به من بعده ، كما كان يعمل به في حياته .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية