الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2473 - حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال : ثنا الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ؛ قال : ثنا أبو قلابة ، قال : حدثني أبو أمية ؛ أو عن رجل ، عن أبي أمية ، قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر ؛ فقال : ألا تنتظر الغدا يا أبا أمية ؟ فقلت : إني صائم ثم ذكر مثله .

                                                        فهذه الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن فرض المسافر ركعتان . وأنه في ركعتيه كالمقيم في أربعة .

                                                        فكما ليس للمقيم أن يزيد في صلاته على أربعة شيئا ، فكذلك ليس للمسافر أن يزيد في صلاته على ركعتين شيئا .

                                                        وكان النظر عندنا في ذلك أنا رأينا الفروض المجتمع عليها ، لا بد لمن هي عليه من أن يأتي بها ؛ ولا يكون له خيار في أن لا يأتي بما عليه منها .

                                                        [ ص: 424 ] وكان ما أجمع عليه أن للرجل أن يأتي به إن شاء ؛ وإن شاء لم يأت به ، فهو التطوع ؛ إن شاء فعله ؛ وإن شاء تركه . فهذه هي صفة التطوع ، وما لا بد من الإتيان به ، فهو الفرض ، وكانت الركعتان لا بد من المجيء بهما وما بعدهما ففيه اختلاف .

                                                        فقوم يقولون : لا ينبغي أن يؤتى به ، وقوم يقولون للمسافر أن يجيء به إن شاء ، وله أن لا يجيء به .

                                                        فالركعتان موصوفتان بصفة الفرض ، فهما فريضة ، وما بعد الركعتين موصوف بصفة التطوع ، فهو تطوع .

                                                        فثبت بذلك أن المسافر فرضه ركعتان ، وكان الفرض على المقيم أربعا فيما يكون فرضه على المسافر ركعتين .

                                                        فكما لا ينبغي للمقيم أن يصلي بعد الأربع شيئا من غير تسليم ، فكذلك لا ينبغي للمسافر أن يصلي بعد الركعتين شيئا بغير تسليم .

                                                        فهذا هو النظر - عندنا - في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى .

                                                        فإن قال قائل : فقد روي عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتمون ، وذكر في ذلك ما قد فعله عثمان رضي الله عنه بـ منى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية