الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2764 - حدثنا [ ربيع الجيزي ] ابن أبي مريم ، قال : ثنا الفريابي ، قال : ثنا إسرائيل ، قال : ثنا أبو يحيى ، عن مجاهد ، قال : كنت مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالسا ، فمرت جنازة ، فقام ابن عمر رضي الله عنهما ثم قال : فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي مرت عليه . فقيل : هل لك أن تتبعها ، فإن في اتباع الجنازة أجرا ؟ فانطلقنا نمشي معها ، فنظر فرأى ناسا ، فقال : ما أولئك الذين بين يدي الجنازة ؟ قلت : هم أهل الجنازة ، فقال : ما هم مع الجنازة ، ولكن كتفيها أو وراءها . فبينما هو يمشي إذ سمع رانة ، فاستدارني وهو قابض على يدي فاستقبلها ، فقال لها شرا ، حرمتينا هذه الجنازة اذهب يا مجاهد فإنك تريد الأجر ، وهذه تريد الوزر ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتبع الجنازة معها رانة .

                                                        فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يكون المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها ؟ وقد كان عمر بن الخطاب بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة زينب يقدم الناس أمامها فذلك دليل على أنه كان لا يرى المشي خلفها أصلا ، ولولا ذلك لأباحه لمن مشى خلفها .

                                                        قيل له : وكيف يجوز ما ذكرت ؟ وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إنهما - يريد أبا بكر وعمر رضي الله عنهما - يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها ، ثم يفعل هذا المعنى الذي ذكرت ؟ [ ص: 485 ] ولكنه فعل ذلك - عندنا والله أعلم - لعارض ، إما لنساء كن خلفها ، فكره للرجال مخالطتهن ، فأمرهم بتقدم الجنازة لذلك العارض لا لأنه أفضل من المشي خلفها .

                                                        وقد سمعت يونس يذكر عن ابن وهب أنه سمع من يقول ذلك ، وهو أولى ما حمل عليه معنى ذلك الحديث ، حتى لا يضاد ما ذكره علي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية